Admin Admin
المساهمات : 129 تاريخ التسجيل : 23/04/2011
| موضوع: مدخل إلى علوم الشريعة(2)(محمد الدسوقى عبد العليم) الأحد 24 أبريل 2011, 6:26 pm | |
| مظاهر تطور الفقه في عهد التابعين 1ـ اتساع دائرة الخلاف الفقهي: ويرجع هذا لأسباب ، أهمها : (أ) انتقال الصحابة رضي الله عنهم من المدينة ، وانتشارهم في الأمصار الإسلامية ، ولا شك في أنهم لم يكونوا سواء في الحفظ والفهم وطريقة الاستنباط ، مما ترتب عليه الاختلاف الواضح في الحكم على النوازل والأحداث . (ب) تعذر الإجماع أو الاتفاق على رأي ؛ بسبب استحالة اجتماع كل المجتهدين ،في وقت واحد ومكان واحد في ذلك العصر .فضلا عن وجود الفرق الإسلامية التي كان لها بجانب اتجاهها العقائدي اتجاه فقهي ، كالخوارج والشيعة . (ج) اختلاف عادات وتقاليد الأمصار ، مما أدى إلى الاختلاف الفقهي ؛ لأن الفقيه يجب عليه أن يراعي ظروف بلده وأعرافه وتقاليده ، ما دامت لا تتعارض مع أحكام الشرع . (د) ثقة أهل كل بلد واكتفاؤهم بمن سكنها من الصحابة رضي الله عنهم وأخذهم عنهم ، فلم يكونوا بحاجة إلى معرفة أقوال الآخرين ، فمثلا اتبع أهل المدينة فقه ابن عمر ، وأهل الكوفة فقه ابن مسعود ، وأهل البصرة فقه معاذ بن جبل ، وأهل مصر فقه عبد الله بن عمرو بن العاص . 2ـ انتشار رواية الحديث : كان لانتشار رواية الحديث في عهد التابعين عدة أسباب ، منها : (أ) تفرق الصحابة والتابعين في الأمصار ، فحدث كل واحد منهم بما معه من السنة النبوية . (ب) تجـدد الحوادث (الأحداث) ، وما يلـزم عن ذلك من دوام البحث عن أحكامها . (ج) ازدياد اهتمام الناس بسؤال العلماء عن مدى صحة الأحاديث ، فأخرج كل عالم ما معه من العلم بالسنة . وقد نتج عن انتشار رواية الحديث في عهد التابعين نتائج مهمة ، هي : كثرة الاستنباط من السنة ، وما يتبعها من كثرة الأحكام الفقهية . كثرة وضع الأحاديث واختلاقها ، رجاء أن تلتصق هذه الأحاديث المكذوبة بالسنة التي شاعت روايتها ولا تكتشف فيها . وأسباب وضع الأحاديث كثيرة منها : إفساد الشريعة من قبل الزنادقة ممن أظهروا الإسلام وأبطنوا غيره ، ومنها أيضا دعم أهل الأهواء والفرق اعتقادهم ، ومنها كذلك حث الناس على الطاعة باختلاق أحاديث الترغيب والترهيب ، إلى غير ذلك من أسباب . زيادة أعباء الفقهاء ؛ إذ صار الفقيه مكلفا بالبحث عن صحة الحديث وسنده قبل أن يستنبط منه الأحكام الفقهية ، الأمر الذي ألجأ بعض الفقهاء ـ كفقهاء العراق ـ إلى ترك بعض الأحاديث لعدم ثقتهم بها ، والاعتماد على الرأي والاجتهاد . ظهور علم جديد في تاريخ العلوم ، وهو علم الجرح والتعديل أو علم الرجال ، الذي بدأت إرهاصاته في عصر الصحابة ، وقد سبق التعرض لهذا الموضوع في الوحدة السابقة ، أما هذا العصر ـ عصر التابعين ـ فقد شرع البحث في تعديل رواة الأحاديث أو تجريحهم يأخذ الطابع العام ؛ سعيا لتنقية السنة النبوية مما يشوبها . 3ـ ظهور اتجاهين للفقهاء : الأول اتجاه أهل المدينة أو الحجاز أو مدرسة الحديث. الثاني اتجاه أهل الكوفة أو العراق أو مدرسة الرأي . والسمة الغالبة للاتجاه الأول هي ميل الفقهاء في معرفة الحكم الشرعي إلى السنة .والسمة الغالبة للاتجاه الثاني هي ميل الفقهاء إلى النزعة العقلية والرأي ؛ بسبب قلة روايتهم الحديث حيث تشددوا في شروط قبوله ، وبسبب كثرة الحوادث والنوازل عندهم . أوجه الاتفاق والاختلاف بين الاتجاهين أوجـه الاتفــاق 1) كلاهما يرجع في تأصيله إلى مستنده الشرعي . 2) اتفقا على حجية السنة ، وأنها المصدر الثاني للتشريع . 3) كما اتفقا على رفض الرأي المبني على الأهواء . 4) أما الرأي المبني على الدليل العام فهو موضع اعتبار عندهما . 5) اعتزاز أصحاب كل اتجاه بمن أخذ عنه من الصحابة رضي الله عنهم . أوجـه الاختلاف 1) موقف الاتجاهين من الأخذ بالرأي ، فأهل الحجاز كانوا وقافين عند النص ، من كتاب كان أو سنة ، فإذا سئل أحدهم عن مسألة وكان فيها نص أجاب ، وإذا لم يكن فيها نص توقف وامتنع عن الفتوى فيها برأيه ؛ هيبة من الفتوى بغير نص ، وخشية أن يتغير رأيه بعد ذلك في المسألة نفسها إن أفتى فيها برأيه . وإذا أخذ بعضهم بالرأي ، فالرأي عندهم بمعنى المصلحة ـ مثل جمع القرآن في عهــد الصحابة في خلافة أبي بكر رضي الله عنهم جميعا ـ ولذلك كانوا يتهيبون إطلاق آلية القياس وتعليل الأحكام . 2) أما أهل العراق فلم يكونوا غالبا متهيبين الفتوى فيما لا نص فيه ؛ لعلمهم أن النصوص متناهية والحوادث والنوازل غير متناهية ، فيلزم الاجتهاد واستعمال العقل ؛ لمعرفة العلل والمصالح التي يتغياها الشارع من وراء الحكم ، فإذا وجدت العلة في حكم جديد ، وكانت هذه العلة موجودة في حكم منصوص عليه ، فلم لا يتعدى الحكم من المسألة القديمة المنصوص عليها ، إلى الفرع الجديد أو المسألة الجديدة التي لم ينص على حكمها ؟! . علما بأن الشارع لا يفرق بين متساويين ، ولا يساوي بين مختلفين . ويرون أن هذا هو العدل والميزان ، ولذلك كانوا لا يتهيبون الإكثار من الاعتماد على الرأي بمعنى القياس . 3) تفريع المسائل عند أهل العراق ، فقد فرعوا على المسألة المنصوص عليهـا فروعا كثيرة تشبهها فتأخذ حكمها ، أو تخالفها فينتفي عنها حكمها ، ونتج عن ذلك أنهم وضعوا مسائل مترتبة على المنصوص عليها لم توجد بعد ، وهي المسائل الافتراضية . أما أهل الحجاز فقد وقفوا عند الحكم الذي ورد به النص ، ولم يفرعوا عليه ما يشبهه . 4) اختلاف الاستعداد الفطري والتكوين العلمي لكل من رواد الاتجاهين ، الأمر الذي أدى إلى الاختلاف بينهم ، ومن ثم اتسعت دائرته بين أتباعهم . ويأتي على رأس مدرسة الحجاز سعيد بن المسيب ، ومدرسة العراق إبراهيم بن يزيد النخعي . أسباب اختصاص المدينة بنشأة اتجاه الحديث فيها والكوفة بنشأة اتجاه الرأي فيها 1) تأثر أتباع كل مدرسة بطريقة شيوخهم ، فأهل المدينة تخرجوا على أكثر الصحابة الذين كانوا يتحرجون من الإفتاء بالرأي ، مثل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما . واكتفى هؤلاء التلاميذ من شيوخهم من الصحابة الذين اشتهروا بكثرة الرأي الفقهي برواية ما عندهم من أحاديث فقط . أما أهل الكوفة فقد أخذوا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وهو ممن يميلون إلى اعتماد الرأي ولا يهابه حيث لا نص . 2) كثرة رواية الحديث فى المدينة ، فلم يجد أهلها حاجة إلى الأخذ بالرأي ، بينما قلت رواية الحديث إلى حد ما فى الكوفة ؛ بسبب ما عرف عن كثير من سكانها من الوضع ؛ نتيجة انتشار الفرق المختلفة فى العراق عموما ، وفى الكوفة على وجه الخصوص ، مما أدى إلى تشدد أهل العلم في شروط من يقبلون روايته ، فقلت لذلك مروياتهم فاحتاجوا إلى اعتماد الرأي . 3) بساطة الحياة وفطريتها في المدينة ، مما أدى إلى قلة النوازل ، بينما نجد الأمر على العكس من ذلك فى الكوفة التي كانت على مشارف العراق ، وتجاور دولة الفرس القديمة . فكان أهلها يعيشون فى وسط بيئة علمية وثقافية وحضارية مختلفة ، ولأهلها أيضا أعراف وتقاليد مختلفة ، وفى مثل هذه البيئة تكثر الحوادث ، وتتعدد النوازل ، فيحتاج الفقيه دائما إلى البحث عن العلل والمصالح التي يستهدفها الشارع من الأحكام المنصوص عليها ، ليعديها إلى ما جد من نوازل . تدوين السنة والفقه في عهد التابعين أما تدوين السنة ، فإن عهد التابعين يعـد بداية الشروع في التدوين الرسمي لها ؛ حيث كلف أولو الأمر العلماء بذلك ، فقد خاطب الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة بتكليف العلماء لديه بتدوين السنة . بيد أنه لم يتم هذا التدوين إلا بعد انقضاء عهد التابعين ، كما هو مبين في الوحدة القادمة . كما أن تدوين الفقه لم يتم كذلك في عهد التابعين ؛ لأسباب منها : 1) اعتماد الفقه في أدلته على السنة ، والسنة لم تكن قد دونت بعد التدوين الرسمي الذي يجمع ما عند المحدثين من مرويات شفهية ومدونة ، فاقتصر دور الفقهاء غالبـا على السـنة الشفهية في استدلالهم الفقهي . 2) ثم إن عهد التابعين لم يشهد تقعيد المناهج الفقهية الذي جاء فيما بعد ، كما كان الفقه في هذا العهد يتم بالاستفتاء والإفتاء ؛ لاحتياج الناس هذه الفتاوى في أمور حياتهم ، فلم يهتموا بتدوين هذه الفتاوى ، قدر اهتمامهم بعلمها والعمل بها . 3) كما شغل العلماء في هذا العهد بمحاولات تدوين السنة وجمعها، والنظر في أسانيدها وطرقها، فلم يكن الفقه أولى من السنة بالتدوين . 4) ماعرف عن كثير من العلماء في هذا العهد ، خاصة أهل الحجاز ، من التحرج من الفتاوى الشفهية ، فأنى لهم تدوينها !. ازدهار الفقه الإسلامي يعد هذا الدور من أطول أدوار الفقه الإسلامي ، فقد امتد من بداية القرن الثاني الهجري حتى منتصف الرابع ( 101 ـ 350 ) تقريبا . بلغ الفقه في هذا الطور نشاطا لم يبلغه من قبل ، فقد ظهر فيه نوابغ الفقهاء ، وكثرت فيه المدارس الفقهية المختلفة ، التي لا يزال بعضها موجودا ومتبعا حتى الآن ، واندثر بعضها الآخر ، على الرغم من أن الإنتاج العلمي أو بعضه لكثير من أصحاب هذه المدارس والاتجاهات المندثرة ، لا يزال مدونا حتى الآن أيضا . كما نشطت حركة التدوين في هذا الطور بصورة لم تعهد من قبل ، فدونت السنة النبوية تدوينا رسميا ، واتخذ تدوينها أشكالا متعددة وصورا شتى ، كما دونت بعض كتب الفقه الممزوجة بالحديث النبوي ، وكتب الفقه الخاصة ، ولأول مرة يدون علم جديد نابع من العقلية الإسلامية ، وهو علم أصول الفقه الذي لا يقل أهمية عن منطق أرسطو ، بل يفوقه في ربط الفكر بالواقع والتطبيق ، وليس جعل الفكر رياضة ذهنية وقضايا جدلية ، لا نصيب لها في التطبيق والواقع إلا بقدر يسير . فالعلم إذا لم يرتبط بالحياة في أية صورة من صورها ـ فضلا عن أن يكون ضارا بها ـ يصير عبئا عليها ، ويجدر بها حينئذ أن تطرحه عن كاهلها . أسباب ازدهار الفقه في هذه المرحلة( 101 ـ 350 ) 1 ـ اتساع رقعة الأمة الإسلامية حيث بلغت الأمة الإسلامية في هذه الفترة أقصى اتساع لها ، وضمت بين جنباتها جنسيات وقوميات وألسنا وعادات وتقاليد وحضارات وثقافات مختلفة ، لكن الكل يخضع لتشريعات دين واحد هو الإسلام , وكان المسلمون في جميع هذه البقاع حريصين على معرفة أحكام دينهم في شئون حياتهم المختلفة ، فكانوا يلجئون إلى أهل الفقه يسألون ويتعلمون ، وكان أهل العلم يجيبون ويؤلفون ويناظرون ويدونون ما يتوصلون إليه ، مما نتج عنه هذه الثروة أو أسهم في إنتاجها . 2 ـ عناية الخلفاء العباسيين بالعلوم عامة وبالفقه خاصة حيث قامت هـذه الخلافة على أساس ديني من جهـة ، وكان خلفاؤها أنفسهم من أهل العلم الحريصين على ازدهاره من جهة أخرى ، فيسروا كل سبل العلم لكل من يسلكه ، وبذلوا في تحقيق ذلك كل غال ورخيص ، مما أدى إلى نمو الفقه وازدهاره . من ذلك طلب الخليفة المنصور من الإمام مالك أن يصنف له كتابا يكون مرجعا للحكم الفقهي والقضـاء ، فصنف الإمام مالك كتاب الموطـأ ، ولكنه لم يستجب لطلب الخليفة ـ ومن بعده ـ بأن يلزم جميع أمصار الخلافة بالعمل به ؛ لأن في ذلك حمل الناس على فقه الصحابة الذين سكنوا المدينة ولم يبرحوها ، وفي هذا ما فيه من التضييق على الناس ؛ حيث إنهم اتبعوا فقه الصحابة الذين هاجروا إليهم ، وهو يخالف في قليل أو كثير فقه الصحابة الذين لازموا المدينـة ، كما أن الإمام مالكا لم يرد أن يلزم بقية أمصار الأمة الإسلامية بعادات أهل المدينة وأعرافهم ، التي لم تزل في فطريتها وبساطتها ، بخلاف كثير من الأمصار الأخرى التي تختلف عنها في عادات أهلها وأعرافهم ، كما أن حياتهم في حوادث ونوازل متجددة ، لم تشهدها حياة الناس في مدينة الإمام مالك . 3 ـ ظهور المجتهدين الكبار مثل الأئمة : أبو حنيفة ، مالك ، الشافعي ، أحمد ، زيد ، جعفر ، الأوزاعي ، الثوري، الليث ، داود الظاهري ، وغيرهم . والحديث عنهم مثبت في الوحدات القادمة . 4 ـ تدوين السنة يمكن تقسيم الكلام عن كتابة السنة وتدوينها وتصنيفها إلى أربعة مراحل : (أ) في عهد النبوة : وفيه وجد نفر قليل من الصحابة رضي الله عنهم كان يكتب بعض ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . على الرغم من النهي عن كتابتها بادئ الأمر. (ب) في عهد الصحابة : وفيه دون قليل من الصحابة بعض السـنة كمدونات شخصية لهم ، وتحرج كثير منهم في ذلك .ويذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هَمّ في خلافته أن يدون السنة مثل تدوين القرآن ، لكنه لم يفعل . (ب) في عهد التابعين : وفيه بدأ التدوين الرسمي للسنة ، وكان ذلك بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المتوفى سنة 101 هـ، بيد أن هذا التدوين لم يتم إلا في عهد الازدهار . (ج) في عهد الازدهار : وهو العهد الذي نحن بصدد دراسته الآن ، وفيه تم التدوين الرسمي وغير الرسمي للسنة ، ويمكن رصد تدوين السنة وتصنيفها في هذا العهد فيما يأتي : ● بدأ تدوين السنة بطريقة اختلط فيها الحديث بالفقه وفتاوى الصحابة ، بل فتاوى التابعين أحيانا ، وممن دون على هذا النحو الإمام سفيان الثوري في الكوفة ، والإمام الليث بن سعد في مصر، والإمام مالك بن أنس في المدينة ، ولكن لم يصلنا من هذه الكتب إلا القليل منها ، مثل موطأ الإمام مالك . ●● ثم أخذ العلماء يصنفون السنة بطريقة أخرى أكثر تقدما ، تمثلت في إفراد الحديث النبوي بالتأليف ، بعيدا عن الفتاوى ، وقد أخذ هذا اللون من التصنيف في بادئ الأمر شكل المسانيد ، أي جمع أحاديث كل صحابي على حدة في مؤلف خاص ، كل صحابي في قسم يخص أحاديثه وحده ، و قد كان هذا واضحا في أواخر القرن الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث . وممن يمثلون هذا الاتجاه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الشهير المسند . ●●● ثم ظهرت الحاجة إلى تمييز الحديث الصحيح وإفراده بالتأليف ، فألف الإمام البخاري صحيحه وكـذا الإمام مسلم ، كما ظهرت السنن التي جمعت بين الحديث الصحيح وغير الصحيح ، مثل سنن أبي دواد والترمذي . وأيضا ظهرت كتب الشيعة مثل كتاب الكافي للكُلَيْني . ●●●● ولما ظهرت مشكلة الوضع في الحديث منذ عهد التابعين ، نتج عنها ظهور علم نقد الحديث رواية ودراية ، وظهر علم الجرح والتعديل ، وقد تطور ذلك في عهد الازدهار الفقهي . ومن أشهر نقاد الحديث الإمام يحيى بن معين ، والإمام أحمد بن حنبل . 5 ـ زيادة العناية بالقرآن الكريم أداءً وتفسيرا حيث برز في أدائه وقراءاته بعض القراء ، كأبي عمرو بن العلاء، وعاصم ، والكسائي . كما ازدادت العناية بتفسيره ، بما في ذلك من آيات الأحكام الفقهية، وما ورد فيها من قراءات توجه معانيها ودلالاتها . 6 ـ النزاع في مادة الفقه وأدلة الأحكام دارت في هذا الطور مناقشات واسعة النطاق في تأصيل جميع أصول الفقه ، ما عدا الأصل الأول وهو القرآن الكريم .فقد دار جدل طويل حول حجية السنة عموما ، وحجية أخبار الآحاد والمرسل خصوصا، وطريقة الجمع والترجيح بين ما يبدو فيه تعارض من الأحاديث، كما حدث النزاع حول الإجماع ومدى حجيته وإمكانه ، كما طال النزاع في إجماع أهل المدينة والإجماع السكوتي ، ثم انتقل النزاع إلى القياس والرأي والاستحسان ، بل وصل الأمر بالفقهاء في هذا الدور إلى أن تناقشوا في أساس التكليف بافعل ولا تفعل ، هل هما على التحتيم أم يحمـلان على ما دون ذلك ؟. وقد عرض الإمام الشـافعي لذلك كله في كتابه الخالد الذكـر ( الرسالة ) . ينقسم علم الحديث ( السنة ) إلى قسمين كبيرين : علم الحديث رواية ـ علم الحديث دراية : علم الحديث رواية : هو العلم الذي يقوم على نقل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلقية أو خِلقية . فينصب اهتمام هـذا العلم على جمع كل ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة والتابعين ـ ، سواء أكان هذا المجموع صحيحا وثابت النسبة إليه صلى الله عليه وسلم ، أم كان غير ذلك . فالذي يقصد إليه هذا العلم هو رواية ونقل ما يمكن نقله من الأحاديث والمرويات . علم الحديث دراية : هو العلم الذي يطبق القواعد التي يعرف بها حال الراوي والمروي ، من حيث القبول والرد . ويتضح من تعريف هذا العلم أنه مبني على العلم الأول ، فبعد أن يتم نقل الحديث وروايته ، ينظر فيه علم الحديث دراية بقواعده ليقرر صحة الحديث من عدمها ، حيث يبحث في سنده أي رواته ، وينظر في متنه أي نص الحديث ، وقد نتج عن هذا البحث بعض العلوم الفرعية، التي منها علم الجرح والتعديل الذي ينظر في حال رواة الحديث ، هل هناك ما يجرح أهليتهم فلا تقبل روايتهم ؟ أم هم من أهل العدالة والضبط فتقبل روايتهم ؟ .
يتبــــــــع Mohammed.6236@yahoo.com
| |
|