Admin Admin
المساهمات : 129 تاريخ التسجيل : 23/04/2011
| موضوع: الإخوان المسلمون، من نحن؟ وماذا نريد؟(2) محمد الدسوقى عبد العليم الأربعاء 27 أبريل 2011, 1:47 am | |
| من نحن؟ وماذا نريد؟ (1)أركان البيعة أيها الإخوان الصادقون أركان بيعتنا عشر فاحفظوها: الفهم والإخلاص والعمل والجـهــاد والتضحية والطاعة ،الثبات والتجرد والأخـوَّة والثقة . الفهــم إنما أريد بالفهم: أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة و أن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز
الإخـــــلاص وأريد بالإخلاص: أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه الله , وابتغاء في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز مرضاته وحسن مثوبته من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر , وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة , لا جندي غرض و منفعة , (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) , و بذلك يفهم الأخ المسلم معنى هتافه الدائم (الله غايتنا) و (الله أكبر ولله الحمد).
العمـــل وأريد بالعمل: ثمرة العلم والإخلاص : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105). الجهــــاد وأريد بالجهاد: الفريضة الماضية إلى يوم القيامة و المقصود بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية ) , وأول مراتبه إنكار القلب , وأعلاها القتال في سبيل الله , وبين ذلك جهاد اللسان و القلم واليد وكلمة الحق عند السلطان الجائر , ولا تحيا دعوة إلا بالجهاد , وبقدر سمو الدعوة وسعة أفقها , وبقدر سمو الدعوة و سعة أفقها تكون عظمة الجهاد في سبيلها , وضخامة الثمن الذي يطلب لتأييدها , و جزالة الثواب للعاملين وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج:78) . وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم : (الجهاد سبيلنا).
التضـحـية وأريد بالتضحية: بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شيء في سبيل الغاية , وليس في الدنيا جهاد لا تضحية معه , ولا تضيع في سبيل فكرتنا تضحية , وإنما هو الجر الجزيل و الثواب الجميل ومن قعد عن التضحية معنا فهو آثم : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) الآية , (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ..) الآية , (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ) الآية ,( فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً) , وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم : (والموت في سبيل الله أسمى أمانينا).
الطــاعـة وأريد بالطاعة: امتثال الأمر وإنفاذه توا في العسر و اليسر و المنشط و المكره , و ذلك أن مراحل هذه الدعوة ثلاث : التعريف ..... التكوين ..... التنفيذ الثبــات وأريد بالثبات: أن يظل الأخ عاملا مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام , حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنيين , فإما الغاية وإما الشهادة في النهاية , (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب:23) , والوقت عندنا جزء من العلاج , والطريق طويلة المدى بعيدة المراحل كثيرة العقبات, ولكنها وحدها التي تؤدي إلى المقصود مع عظيم الأجر وجميل المثوبة . وذلك أن كل وسيلة من وسائلنا الستة تحتاج إلى حسن الإعداد وتحين الفرص ودقة الإنفاذ , وكل ذلك مرهون بوقته (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (الاسراء:51) . التجــرد وأريد بالتجرد: أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص ، لأنها أسمى الفكر وأجمعها و أعلاها : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (البقرة:138) , (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4) . والناس عند الأخ الصادق واحد من ستة أصناف: مسلم مجاهد , أو مسلم قاعد ، أو مسلم آثم ، أو ذمي معاهد ، أو محايد ، أو محارب , و لكل حكمه في ميزان الإسلام , وفى حدود هذه الأقسام توزن الأشخاص و الهيئات ، ويكون الولاء أو العداء .
الأخـوة وأريد بالأخوة: أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة ، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها ، والأخوة أخت الإيمان ، والتفرق أخو الكفر ، وأول القوة : قوة الوحدة ، ولا وحدة بغير حب , وأقل الحب: سلامة الصدر , وأعلاه : مرتبة الإيثار , (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9) . والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ، لأنه إن لم يكن بهم ، فلن يكون بغيرهم ، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره , (وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) , (والمؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً). (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة:71) , وهكذا يجب أن نكون .
الثقــة وأريد بالثقة: اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة , (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) . والقائد جزء من الدعوة ، ولا دعوة بغير قيادة ، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة ، وإحكام خططها ، ونجاحها في الوصول إلى غايتها , وتغلبها على ما يعترضها من عقبات (فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) (محمد:20-21). وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية , والأستاذ بالإفادة العلمية , والشيخ بالتربية الروحية , والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة , ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا , والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات . ولهذا يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرف على مدى ثقته بقيادته.
(2) الأصول العشرين أيها الإخوان الصادقون أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها : الفهم ، والإخلاص ، والعمل ، والجهاد ، والتضحية ، والطاعة ، والثبا ت ، والتجرد ، والأخوة ، والثقة " . أيها الأخ الصادق : الفهـــــم إنما أريد بالفهم : أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه ، في حدود هذه الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز : 1. الإسلام نظام شامل يتناو.ل مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة ، سواء بسواء. 2.والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام ، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف ، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات . 3.وللأيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفها الله في قلب من يشاء من عباده ، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤ ى ليست من أدلة الأحكام الشرعية ، ولا تعتبر إلا تعتبر عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه . 4.والتمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب ، وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب محاربته " إلا ما كان آية من قرآن أو رقية ماثورة " . 5.ورأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه ، وفيما. يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة ، معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية ة وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات . والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات الى المعاني ، وفي العاديات الالتفات الى الأسرار والحكم والمقاصد . 6.وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك الا المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه ، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص - ف! اختلف فيه - بطعن أو تجريح ، ونكلهم إلى نيابتهم ، وقد أفضوا إلى ما قدموا . 7.ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ، ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته ، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح مز أرشده وكفايته . وأن يستكمل نقصه العلمي أن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر . 8.والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين ، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره ، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة ، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب . 9.وكل مسألة لا ينبنى عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا ، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع ، والخوض في معاني الآيات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها العلم بعد ، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجو بينهم من خلاف ، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نئته ، وفي التأول مندوحة . 10.معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام ، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه ، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء ؟ ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه او الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " آل عمران . 11.وكل بدعة في دين الله لا أصل لها- استحسنها الناس بأهوائهم ، سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه - ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل الى لا تؤدي الى ما هو شرمنها . 12.والبدعة الإضافية والتركية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي ، لكل فيه رأيه ؟ ولا باس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان . 13.ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة الى الله تبارك وتعالى ، والأولياء هم المذكورون في قوله تعالى الذين آمنوا وكانوا يتقون " والكرامة ثابتة لهم بشرائطها الشرعية مع اعتقاد أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا في حياتهم أو نجعد مماتهم فضلا عن أن يهبوا شيئا من ذلك لغيرهم . 14.وزيارة القبور آيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ، ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداءهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد والنذر لهم وتشييد القبور وسترها وإضاءتها والتمسح بها والحلف بغير الله رما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها ، ولا تناول لهذه الأعمال ل سدا للذريعة . 15والدعاء إذا قرن بالتوسل الى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة . 16.والعرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية ، بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود بها ، والوقوف عندها . كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين ، فالعبرة بالمسميات لا بالأسماء . 17.والعقيدة أساس العمل ، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة ، وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعا ، وان اختلفت مرتبتا الطلب . 18.والإسلام يحرر العقل ، ويحث على النظر في الكون ، ويرفع قدر العلم والعلماء ، ويرحب بالصالح النافع من كل شئ . و" الحكمة ضالة المؤمن أئى وجدها فهو أحق الناس بها " . 19.وقد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر ، ولكنهما لن يختلفا في القطعي . فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة ؟ ويؤل الظني منهما ليتفق مع القطعي ، فان كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالاتباع حتى يثبت العقلي أو ينهار . 20.لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض - برأي أو معصية - إلا ان أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذب صريح القرآن ، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر . وإذا علم الأخ المسلم ( دينه " في هذه الأصول ، فقد عرف معنى هتافه دائما " القرآن دستورنا والرسول قدوتنا " .
(3) واجبات الأخ العامل واجبات الأخ العامل أيها الأخ الصادق: إن إيمان الأخ الصادق ببيعته للإخوان بأركانها العشر توجب عليه أداء هذه الواجبات؛ حتى يكون لبنةً قويةً في البناء إن عمل بها، وجعلها أمل حياته، وغاية غاياته، كان جزاؤه العزة في الدنيا، والخير والرضوان في الآخرة، ولهذا وضع الإمام البنا واجبات للأخ العامل في طريق الدعوة، وهي: 1.أن يكون لك ورد يومي من كتاب الله لا يقل عن جزء, واجتهد ألا تختم في أكثر من شهر, ولا في أقل من ثلاثة أيام. 2.أن تحسن تلاوة القرآن والاستماع إليه والتدبر في معانيه, وأن تدرس السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتك, وأقل ما يكفي في ذلك كتاب (حماة الإسلام), وأن تكثر من القراءة في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , وأن تحفظ أربعين حديثًا على الأقل ولتكن الأربعين النووية, وأن تدرس رسالةً في أصول العقائد ورسالةً في فروع الفقه. 3.أن تبادر بالكشف الصحي العام وأن تأخذ في علاج ما يكون فيك من أمراض, وتهتم بأسباب القوة والوقاية الجسمانية وتبتعد عن أسباب الضعف الصحي. 4.أن تبتعد عن الإسراف في قهوة البن والشاي, ونحوها من المشروبات المنبهة, فلا تشربها إلا لضرورة, وأن تمتنع بتاتًا عن التدخين. 5.أن تُعنى بالنظافة في كل شيء في المسكن والملبس والمطعم والبدن ومحل العمل, فقد بني الدين على النظافة. 6- أن تكون صادق الكلمة فلا تكذب أبدًا. 7.أن تكون وفيًا بالعهد والكلمة والوعد, فلا تخلف مهما كانت الظروف. 8.أن تكون شجاعًا عظيم الاحتمال, وأفضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان السر, والاعتراف بالخطأ والإنصاف من النفس وملكها عند الغضب. 9.أن تكون وقورًا تؤثر الجد دائمًا, ولا يمنعك الوقار من المزاح الصادق والضحك في تبسم. 10. أن تكون شديد الحياء دقيق الشعور, عظيم التأثر بالحسن والقبح, تسر للأول وتتألم للثاني, وأن تكون متواضعًا في غير ذلة ولا خنوع ولا ملق, وأن تطلب أقل من مرتبتك لتصل إليها. 11.أن تكون عادلاً صحيح الحكم في جميع الأحوال, لا ينسيك الغضب الحسنات ولا تغضي عين الرضا عن السيئات, ولا تحملك الخصومة على نسيان الجميل, وتقول الحق ولو كان على نفسك أو على أقرب الناس إليك وإن كان مُرًّا. 12.أن تكون عظيم النشاط مدربًا على الخدمات العامة, تشعر بالسعادة والسرور إذا استطعت أن تقدم خدمةً لغيرك من الناس , فتعود المريض وتساعد المحتاج وتحمل الضعيف وتواسي المنكوب ولو بالكلمة الطيبة, وتبادر دائمًا إلى الخيرات. 13. أن تكون رحيم القلب كريمًا سمحًا تعفو وتصفح وتلين وتحلم وترفق بالإنسان والحيوان, جميل المعاملة حسن السلوك مع الناس جميعًا, محافظًا على الآداب الإسلامية الاجتماعية فترحم الصغير وتوقر الكبير وتفسح في المجلس, ولا تتجسس ولا تغتب ولا تصخب, وتستأذن في الدخول والانصراف ..الخ. 14.أن تجيد القراءة والكتابة, وأن تكثر من المطالعة في رسائل الإخوان وجرائدهم ومجلاتهم ونحوها, وأن تكون لنفسك مكتبةً خاصةً مهما كانت صغيرةً, وأن تتبحر في علمك وفنك إن كنت من أهل الاختصاص, وأن تلم بالشؤون الإسلامية العامة إلمامًا يمكنك من تصورها والحكم عليها حكمًا يتفق مع مقتضيات الفكرة. 15.أن تزاول عملاً اقتصاديًا مهما كنت غنيًا, وأن تقدم على العمل الحر مهما كان ضئيلا, وأن تزج بنفسك فيه مهما كانت مواهبك العلمية. 16.ألا تحرص على الوظيفة الحكومية, وأن تعتبرها أضيق أبواب الرزق ولا ترفضها إذا أتيحت لك, ولا تتخل عنها إلا إذا تعارضت تعارضًا تامًا مع واجبات الدعوة. 17.أن تحرص كل الحرص على أداء مهنتك من حيث الإجادة والإتقان وعدم الغش وضبط الموعد. 18.أن تكون حسن التقاضي لحقِّك, وأن تؤدي حقوق الناس كاملةً غير منقوصة بدون طلب, ولا تماطل أبدًا. 19.أن تبتعد عن الميسر بكل أنواعه مهما كان المقصد من ورائها, وتتجنب وسائل الكسب الحرام مهما كان وراءها من ربح عاجل. 20.أن تبتعد عن الربا في جميع المعاملات وأن تطهر منه تمامًا. 21.أن تخدم الثروة الإسلامية العامة بتشجيع المصنوعات والمنشآت الاقتصادية الإسلامية, وأن تحرص على القرش فلا يقع في يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال, ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي. 22.أن تشترك في الدعوة بجزء من مالك, تؤدي الزكاة الواجبة فيه, وأن تجعل منه حقًا معلومًا للسائل والمحروم مهما كان دخلك ضئيلاً. 23.أن تدخر للطوارئ جزءًا من دخلك مهما قل, وألا تتورط في الكماليات أبدًا. 24.أن تعمل ما استطعت على إحياء العادات الإسلامية وإماتة العادات الأعجمية في كل مظاهر الحياة, ومن ذلك التحية واللغة والتاريخ والزي والأثاث, ومواعيد العمل والراحة, والطعام والشراب, والقدوم والانصراف, والحزن والسرور ..الخ , وأن تتحرى السنة المطهرة في ذلك. 25.أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي, والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعةً تامةً. 26.أن تديم مراقبة الله تبارك وتعالى, وتذكر الآخرة وتستعد لها, وتقطع مراحل السلوك إلى رضوان الله بهمة وعزيمة, وتتقرب إليه سبحانه بنوافل العبادة ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل, والإكثار من الذكر القلبي واللساني, وتحرِّي الدعاء المذكور في كل الأحوال. 27.أن تحسن الطهارة وأن تظل على وضوء غالب الأحيان. 28.أن تحسن الصلاة وتواظب على أدائها في أوقاتها, وتحرص على الجماعة والمسجد ما أمكن ذلك. 29.أن تصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً , وتعمل على ذلك إن تكن مستطيعًا الآن ذلك. 30.أن تستصحب دائمًا نية الجهاد وحب الشهادة وأن تستعد لذلك ما وسعك الاستعداد. 31.أن تجدد التوبة والاستغفار دائمًا وأن تتحرز من صغائر الآثام فضلاً عن كبارها, وأن تجعل لنفسك ساعةً قبل النوم تحاسبها فيها على ما عملت من خير أو شر, وأن تحرص على الوقت فهو الحياة فلا تصرف جزءًا منه في غير فائدة, وأن تتورع عن الشبهات حتى لا تقع في الحرام. 32.أن تجاهد نفسك جهادًا عنيفًا حتى يسلس قيادتها لك, وأن تغض طرفك وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة في نفسك, وتسمو بها دائمًا إلى الحلال الطيب, وتحول بينها وبين الحرام من ذلك أيًا كان. 33.أن تتجنب الخمر والمسكر والمفتر وكل ما هو من هذا القبيل كل الاجتناب. 34.أن تبتعد عن أقران السوء وأصدقاء الفساد وأماكن المعصية والإثم. 35.أن تحارب أماكن اللهو فضلاً عن أن تقربها, وأن تبتعد عن مظاهر الترف والرخاوة جميعًا. 36.أن تعرف أعضاء كتيبتك فردًا فردًا معرفةً تامةً, وتعرفهم نفسك معرفةً تامةً كذلك, وتؤدي حقوق أخوتهم كاملةً من الحب والتقدير والمساعدة والإيثار وأن تحضر اجتماعاتهم فلا تتخلف عنها إلا بعذر قاهر, وتؤثرهم بمعاملتك دائمًا. 37.أن تتخلى عن صلتك بأية هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة ًفكرتك وخاصة إذا أُمرت بذلك. 38.أن تعمل على نشر دعوتك في كل مكان وأن تحيط القيادة علمًا بكل ظروفك ولا تقدم على عمل يؤثر فيها تأثيرًا جوهريًا إلا بإذن, وأن تكون دائم الاتصال الروحي والعملي بها, وأن تعتبر نفسك دائمًا جنديًا في الثكنة تنتظر الأوامر. (4) الإسلام والسياسة من الحيل التى يستخدمها أعداء الإسلام وفى مقدمتهم العلمانيون الجدد من أجل إبعاد الإسلام عن السياسة ، ادعاؤهم أن السياسة لعبة قذرة والإسلام دين طاهر ولا يجوز أن نلوثه بالسياسة حتى يبقى على نقائه وطهره كما هو، وهم فى قولهم هذا كمن يقول إن مبضع الجراح لا يجوز إعماله فى جسد المريض لاستئصال أورامه حتى لا يلوث المبضع ويبقى على لمعانه . وهذا يعنى أن نترك السياسة كما هى لعبة قذرة ، وفى الثانية نترك المريض يهلك بمرضه . ولو تساءلنا ما دور كل من الإسلام والمبضع لجاءت الإجابة من هؤلاء أن يوضعا على الرف ! للأسف إن هذه الادعاءات وجدت طريقها إلى بعض أبناء المسلمين الذين يظنون أنهم بإقصائهم للإسلام عن السياسة يحسنون صنعاً ، فوجب الوقوف على هذه المسألة لتبيان زيف هذه الادعاءات ورد الأمر إلى نصابه حتى يعود الإسلام كما كان هو المتحكم فى كل العلاقات وعلى رأسها علاقة الحاكم بالرعية. إن الإسلام أتى حتى يضبط الحياة وتستقيم به معتمداً فى ذلك على قوة عقيدته التى تخاطب العقل البشرى الذى يُقبِلُ عليها ويُسَلم بها وينقاد الإنسان بها قيادة فكرية عن إدراك وتبصر لا عن ضعف وعجز، فتؤدى بالإنسان لأن يضبط سلوكه بالشرع الذى أتى منبثقاً عنها موقناً ومؤمناً بأنه الحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والإسلام أتى لرعاية شؤون البشر كل البشر ليضبط علاقتهم بخالقهم وبأنفسهم وببعضهم البعض حتى تنتظم كل العلاقات على أساسه. والسياسة التى فى مادة ساس ويسوس سياسةً بمعنى رعى شؤونه وفى القاموس المحيط " سست الرعية سياسة أى أمرتها ونهيتها" لم يأتى الإسلام بمعنى آخر لها سوى هذا المعنى فأستخدمها كما هى أى رعاية الشؤون . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم " رواه مسلم، والحديث يبين بأن السياسة هى من أعظم الأعمال وهى من عمل الأنبياء وقد مارسها الرسول الكريم والخلفاء من بعده. والنصوص التى تدل دلالة مباشرة على السياسة وممارستها سواء تعلق ذلك بالرعية أو الحاكم كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام "ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة" مسلم ، وقوله "ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة" البخارى. والنصوص الشرعية سواء ما جاء منها فى القرآن أو فى السنة تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن الإسلام لم يدع أى شأن من شؤون الحياة إلا ونظمها وجاء بتشريع لها ليس هذا فحسب بل لقد اعتبر القرآن أن الإنسان ظالم لنفسه إن اتبع غير الإسلام واتبع الهوى وخالف أوامر الله ونواهيه " بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ " الروم 29. والخطاب السياسى قد تنوع فى القرآن والسنة ليشمل كل مناحى الحياة فتجد القرآن حين يتحدث عن الحكم يقول " فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ" المائدة 48 ، وحين يتحدث عن رعاية شؤون المال أو السياسة الاقتصادية تجده يتعرض لمواطن الداء فى المجتمع فيعالجها حين يقول " كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ " الحشر7 ، وحين فهم المسلمون هذا الخطاب حالوا دون تركز المال فى يد فئة قليلة فى المجتمع أما الأن بعد أن أُبعِد الإسلام عن السياسة صار المال دولة بين الأغنياء فتجد قلة قليلة تمتلك المليارات وعامة الشعب لا تجد ما تسد به رمقها ، وحين أبعد الإسلام عن السياسة أصبح عشرون بالمائة من سكان الكرة الأرضية يملكون ثمانين بالمائة من الثروة الموجودة بها والثمانون بالمائة يتقاتلون على العشرين بالمائة الباقية، وحين فهم المسلمون خطاب الله "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" البقرة 275 دارت عجلة رأس المال دورتها الطبيعية فأوجدت مالاً حقيقياً فى الدولة حال دون حدوث أزمات اقتصادية ،حتى أن الفقير كان يبحث عنه ليعطى فلا يجدوا فقيراً ، أما بعد أن أبعدنا الإسلام عن السياسة أصبح الربا مألوفاً وعصفت الأزمات الاقتصادية بالمجتمع حتى أصبح الغرب عاجزاً عن حلول سوى السطو على خيراتنا ليحل به أزماته. وحين فهم المسلمون خطاب رسول الله " الناس شركاء فى ثلاث : فى الماء والكلأ والنار" عملوا به وتم رعاية الملكيات العامة على أساسه فلا أحد يسطو على ما تملكه الجماعة ، ولا أحد يتملك ما تنصرف الجماعة فى طلبه ، أما حين أُبعد الإسلام عن السياسة فتمت سرقة الملكيات وتم إهداء الغاز ليهود وحرم منه أهله. وحين فهم المسلمون خطاب الرسول صلوات ربى وسلامه عليه حيث قال" والذى نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم "قاموا بمحاسبة الحكام وقالوا كلمة الحق ولم تأخذهم فى الله لومة لائم، فهذا عمر بن الخطاب تقف له امرأة لتحاسبه على تحديده للمهور وتقول له: " يا عمر لم تحدد مالم يحدده الله ورسوله؟ ألم تسمع قوله تعالى " وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا" النساء 20 ، فرد عمر قائلاً: " أخطأ عمر وأصابت امرأة". وفى موضع أخر يقف سلمان الفارسى محاسباً للفاروق عمر الذى مالقيه الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غيره، يقف أمامه سلمان الفارسى قائلاً " لا سمع لك اليوم ولا طاعة حتى تبين لنا من أين لك هذا الثوب الذى ائتزرت به" فلم يشهر عمر سيفه ويضرب عنق سلمان ولم يأمر بسجنه بل طلب من ابنه عبد الله أن يبين لسلمان من أين له هذا الثوب، هكذا كان تأثير الخطاب السياسى كما أتى فى القرآن والسنة على سلوك الحاكم والرعية . أما اليوم بعد أن أبعدنا الإسلام عن السياسة جمع الحكام ملياراتهم ولم يستطع أحدٌ محاسبتهم ومن قال لمبارك " اتق الله " كان مصيره السجن خمسة عشر عاماً فماذا لو قال له لا سمع ولا طاعة ؟ وقد وعى غير المسلمين أيضاً على حقوقهم فى الدولة بوصفهم من رعاياها وفهموا قول الرسول عليه الصلاة والسلام " ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة" ، وقصة ابن القبطى الذى اعتدى عليه ابن عمرو بن العاص والى مصر معروفة ، حيث علم القبطى أن الحاكم لن يظلمه فذهب إلى المدينة من أجل بث شكواه إلى خليفة المسلمين عمر وقد أنصفه عمر وهذا لخير دليل على تأثير الخطاب السياسى فى رعاية الشؤون لا فرق بين مسلم ومعاهد ، وحين أُبعد الإسلام عن السياسة قام الحكام بتفجير الكنائس ولم يحفظوا لمعاهد حق ولا عهد ليس هذا فحسب بل قاموا بضرب رعايا الدولة بعضهم ببعض. إن الخطاب السياسى يبلغ أعلى مراتب الرقى فى حديث الرسول " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " ولقد عمل به الحكام حين تحكم الإسلام فى السياسة فكانوا نماذجاً لم يأتى التاريخ الحديث بمثلها ، فهذا عمر بن الخطاب يخرج فى ظلمات الليل يتعسس الرعية لعل هناك من به حاجة ولم تصل إلى عمر فيقوم بنفسه بسدها ، يدفعه لذلك فهمه لمعنى السياسة بأنها رعاية الشؤون وبأنه سيقف أمام ربه ويحاسبه وقوله" لو أن دابة تعثرت لسألك الله يا عمر لما لم تمهد لها الطريق؟" لخير دليل على فهمه لمعنى المسؤولية وكيف تكون السياسة. أما اليوم بعدما أبعدنا الإسلام عن السياسة أرسل حكامنا رجال أمنهم فى ظلمات الليل ليتجسسوا على الرعية وليعدوا عليهم أنفاسهم ، وإذا حلت مصيبة بالرعية فالحاكم لا يعنيه الأمر ولا يجد من يقومه بحد السيف، فكيف يجد من يقومه بعد أن أبعد الإسلام عن السياسة. لقد رفع الإسلام من شأن السياسة واعتبرها رعاية الشؤون فأصبحت الأعمال السياسية بذلك فى الإسلام من أعظم الأعمال التى يقوم بها الإنسان، وهذه السياسة التى يعرفها الإسلام ليست كسياسة الغرب الميكيافيلية التى تبرر فيها الغاية أى وسيلة حتى لو كانت قتل الشعوب واستعمارهم ، أو كانت نصب عملاء لهم ينكلون بشعوبهم ويمدونهم بكل ما وصلت له مدنيتهم من وسائل تعذيب ليعذبوهم من وراء ستار ومن أمامه ينادون بديمقراطيتهم العفنة . ليست السياسة التى عرفها الإسلام والتى أساسها الخوف من الله كسياسة الغرب التى أساسها الكذب والخداج والغش وقتل الأبرياء وإحداث قلاقل وصراعات بين الشعوب ، تلك السياسة التى فرضت حصاراً غاشماً قتلت فيه مليوني طفل عراقى أو أبادت بأسلحتها الذرية هيروشيما ونجازاكى ، سياسة أبو غريب وقلعة جانجى وجوانتانامو. إن السياسة التى يعرفها الإسلام هى السياسة التى تجعل من دولته أرضاً خصبة لإنتاج رجال الدولة هؤلاء الذين يحملون مسؤولية العالم كله على أكتافهم وتتجلى معانيها فى سيرة الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه حين يعرض عليه سادة قريش أن يكون ملكاً عليهم شرط أن يتركهم وما يعبدون فيأبى، وحين تطلب إحدى القبائل أن يكون لها الأمر من بعده مقابل أن تنصره فيأبى ، وهذا الصديق أبو بكر بعد انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى ، امتنع البعض عن أداء الزكاة وارتد البعض عن الإسلام وبوادر فتنة تعرضت لها المدينة فى أصعب لحظاتها وفى هذه الظروف الصعبة يقوم أبو بكر الصديق بإنفاذ بعث جيش أسامة الذى جهزه الرسول لمواجهة الروم حتى يقطع الطريق على كل طامع فى الدولة ، هذه هى السياسة التى نقلت العرب من قبائل متناحرة إلى قادة دانت لهم أعظم مملكتين فى ذلك الوقت الفرس والروم واستطاع الإسلام أن يشق طريقه حتى بسط سلطانه من الصين شرقاً حتى سواحل الأطلسى غرباً. إن السياسة الغربية الميكيافيلية لا يمكن لها أن تنتج رجال دولة على هذا الطراز الراقى الذى أنتجه الإسلام ، لأنها قائمة على النفعية وتنعدم فيها أى قيم أخرى ، لهذا فإن دولته مرتع خصب لإنتاج الوصوليين الذين يبحثون عن منافعهم ، والطواغيت الذين حكمونا ما هم إلا نتاج هذه السياسة . وعلينا أن نعى بأن الغرب لن يقبل بأى حال من الأحوال أن يسحب الإسلام البساط من تحت قدميه ، لهذا قاموا بتصنيف الإسلام صنفين : الأول هو الإسلام الذى أطلقوا عليه معتدلاً والأخر هو الإسلام السياسى الذى وصفوه بالمتطرف ، الأول شجعوه والثانى حاربوه وحاولوا بكل ماأوتوا من قوة أن يجعلوا الإسلام ديناً كهنوتياً يمارس فى المساجد وليس له علاقة بالسياسة من قريب أو من بعيد وعملوا على إبعاد المسلمين عن العمل السياسى وأشغلوهم بالوعظ والإرشاد وبالأعمال الخيرية ونجحوا فى تنفير بعض المسلمين من السياسة والأحزاب السياسية حتى أننا وجدنا من بيننا من يذم الأحزاب السياسية ويحارب وجودها. لهذا وجب علينا أن نعى بأننا لن نعيد قطار نهضتنا إلى الحركة وإسلامنا بعيد عن سياستنا، فإذا كانت السياسة التى تمارس الأن وفرضت على الأمة فاسدة فعلينا أن نعيدها كما كانت سياسة على أساس الإسلام فنعيد للأمة عزتها وقوتها ونعيد لتربة الأمة خصوبتها حتى تنتج من جديد رجال دولة يسوسون الدنيا بالعدل ويقولون ما قاله ربعى بن عامر حين دخل على رستم ملك الفرس " لقد ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والأخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام". | |
|