الحل الإسلامى .. محمد الدسوقى عبد العليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخى الزائر الكريم، مرحباً بك..يشرفنا زيارتك لمنتدى الحل الإسلامى .. منتدى إسلامى دعوى ثقافى رياضى اجتماعى ، يسرنا ردودكم وتعليقاتكم واقتراحاتكم . كما يسرنا تسجيلك معنا.. فمرحباً بك زائراً ومعقباً وناقداً ..
الحل الإسلامى .. محمد الدسوقى عبد العليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخى الزائر الكريم، مرحباً بك..يشرفنا زيارتك لمنتدى الحل الإسلامى .. منتدى إسلامى دعوى ثقافى رياضى اجتماعى ، يسرنا ردودكم وتعليقاتكم واقتراحاتكم . كما يسرنا تسجيلك معنا.. فمرحباً بك زائراً ومعقباً وناقداً ..
الحل الإسلامى .. محمد الدسوقى عبد العليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحل الإسلامى .. محمد الدسوقى عبد العليم

الاخوان المسلمون: دعوة سلفية،وطريقة سنية،وحقيقة صوفية،وهيئة سياسية،وجماعة رياضية،وشركة اقتصادية،وهيئة اجتماعية.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تيسير فقه الأولويات(1)(محمد الدسوقى عبد العليم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 23/04/2011

تيسير فقه الأولويات(1)(محمد الدسوقى عبد العليم  Empty
مُساهمةموضوع: تيسير فقه الأولويات(1)(محمد الدسوقى عبد العليم    تيسير فقه الأولويات(1)(محمد الدسوقى عبد العليم  I_icon_minitimeالخميس 28 أبريل 2011, 1:42 pm

أهم الأولويات التي لا بد من مراعاتها

1- أولوية الـ ( كيف ) على الـ ( كم )، ( أولوية الكيفية على الكمية )
فليست العبرة بالكثرة في العدد ولا بالضخامة في الحجم، وإنما المدار على النوعية والكيفية.
ولقد ذم القرآن الأكثرية إذا كان أصحابها ممن لا يعقلون أولا يعلمون أولا يؤمنون أولا يشكرون، كما نطقت بذلك آيات وفيرة من كتاب الله - تعالى -: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} في حين مدح القرآن القلة المؤمنة العاملة الشاكرة: { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
ويذكر كثير من الناس الحديث النبوي عَنْ أنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ يَأْمُرُ بِالَبْاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ: تَزَوَجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..
ولكن الرسول الكريم  لن يباهي الأمم بالجهلة ولا بالفسقة ولا بالظالمين، إنما يباهي بالطيبين العاملين النافعين !" إِنَّمَا النَّاسُ كَإِبِلِ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلَ فِيهَا رَاحِلَةً". ففيه دلالة على ندرة النوع الجيد في الناس، كندرة الراحلة الصالحة للسفر والركوب والحمل في الإبل، حتى إن المائة لا يكاد يوجد فيها واحدة من هذا النوع !
ومن قرأ سيرة الرسول -  - علم أن عنايته كانت بالنوع لا بالكم، ومن قرأ سير أصحابه وخلفائه رأى ذلك بجلاء ووضوح أيضاً.العناية إذن يجب أن تتجه إلى الكيف والنوع لا مجرد الكم، والمقصود بـ" الكم " هنا: كل ما يعبر عن مقدار الجانب المادي وحده، من كثرة العدد، أو سعة المساحة، أو كبر الحجم، أو ثقل الوزن، أو طول المدة، أو غير ذلك مما يدخل في هذا المجال.وما قلناه في كثرة العدد نقوله في الأمور الأخرى، فالإنسان مثلاً لا يقاس بطول قامته أو قوة عضلاته أو ضخامة جسمه أو جمال صورته، فهذه كلها خارجة عن جوهره وحقيقة إنسانيته.
روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ  أَنَّهُ قَالَ: " لَيَأْتِيَنَّ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " ثُمَّ قَرَأَ: { فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا }..
وعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ يَحْتَزُّ لِرَسُولِ اللهِ  سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ، وَكَانَ فِي سَاقَيْهِ دِقَّةٌ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ : مَا يُضْحِكُكُمْ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ...
وليس معنى هذا: أن الإسلام لا يقيم وزناً لصحة الجسم وقوته.كلا، فهو يهتم بذلك غاية الاهتمام، ففي الصحيح عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: دَخَلَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ  فَرَأَيْنَهَا سَيِّئَةَ الْهَيْئَةِ، فَقُلْنَ: مَا لَكِ، مَا فِي قُرَيْشٍ رَجُلٌ أَغْنَى مِنْ بَعْلِكِ، قَالَتْ: مَا لَنَا مِنْهُ شَيْءٌ ؟ أَمَّا نَهَارُهُ فَصَائِمٌ، وَأَمَّا لَيْلُهُ فَقَائِمٌ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ  فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ ، فقَالَ: يَا عُثْمَانُ، أَمَا لَكَ فِي أُسْوَةٍ ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، صَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، قَالَ: فَأَتَتْهُمُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَطِرَةً كَأَنَّهَا عَرُوسٌ، فَقُلْنَ لَهَا: مَهْ، قَالَتْ: أَصَابَنَا مَا أَصَابَ النَّاسُ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَرٌّ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا قُلْ قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ اللهُ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ".
ولكنه لا يجعلها معيار الفضل.فالرجال يقاسون بما في رؤوسهم من علم وما في قلوبهم من إيمان وما يثمره الإيمان من عمل، والعمل في نظر الإسلام لا يقاس بحجمه ولا عدده، وإنما يقاس بمدى إحسانه وإتقانه، وإحسان العمل في الإسلام ليس نافلة، بل هو فريضة كتبها الله - تعالى - على المؤمنين، كما كتب عليهم الصيام وغيره من الفرائض !
وفي العبادات كذلك الكيفية مقدمة على الكمية فيها، ومثال ذلك الصائم لا يحصل على ثواب - إذا آذى الناس - مهما صام من الأيام والشهور، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ.
2- الأولويات في مجال العلم والفكر : ومنها :
أ-أولوية تقديم العلم على العمل :
- قال الله - تعالى -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}.فأمر رسوله بالعلم والتوحيد أولاً، ثم ثنى بالاستغفار وهو عمل، والخطاب وإن كان للنبي -  - فهو متناول لأمته.
وقال الله - تعالى -: {.. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} ، فالعلم هوالذي يورث الخشية الدافعة إلى العمل.
-وعَنِ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ، يَقُولُ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ.لأنه إذا فقه عمل وأحسن ما عمل.
- عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَعُدْ كَلاَمُهُ مِنْ عَمَلِهِ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ، وَمَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يَفْسُدُ أَكْثَرَ مِمَّا يَصْلُحُ.، وهذا واضح في بعض الفئات من المسلمين، الذين لم تكن تنقصهم التقوى أو الإخلاص والحماس، وإنما كان ينقصهم العلم والفهم بمقاصد الشرع وحقائق الدين.
- العلم شرط لأي عمل، عَنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : " الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، قَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ يَعْلَمُ فَذَلِكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَذَلِكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ ".
- وكذلك في الفتوى، فلا يجوز أن يفتي الناسَ إلا عالم متمكن في علمه فقيه في دينه . فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا.
ب- أولوية الفهم على مجرد الحفظ.
- الإسلام يريد منا التفقه في الدين، لا مجرد تعلم الدين، والتفقه شيء أعمق وأخص من العلم، إنه الفهم والفهم الدقيق، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  قَالَ: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الأَمْرِ أَكْرَهَهُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَتَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ.
- عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -  - قَالَ « مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ » .
- هذا لا يعني أنه ليس للحفظ قيمة، ولكن المقصد أن الحفظ ليس مقصودا لذاته وإنما هو وسيلة لغيره.وإننا لنجد مبالغة في تكريم حفاظ القرآن الكريم - على ما في ذلك من فضل- بكثير من الجوائز القيمة، ولكن لم يرصد مثل هذه الجوائز للنابغين في العلوم الشرعية المختلفة، مع أن حاجة الأمة إلى هؤلاء أكثر ونفعهم أعظم وأغزر.
ج- أولوية المقاصد على الظواهر:
وذلك من خلال الغوص في مقاصد الشريعة، ومعرفة أسرارها وعللها، وربط بعضها ببعض، وردّ فروعها إلى أصولها، وجزئياتها إلى كلياتها، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ظواهرها، والجمود على حرفية نصوصها.وكثيراً ما أدت هذه الحرفية الظاهرية إلى تحجير ما وسَّع الله - تعالى -، وتعسير ما يسّر الشرع وتجميد ما من شأنه أن يتطور، وتقييد ما من شأنه أن يتجدد ويتحرر !.
د- أولوية الاجتهاد على التقليد ( في الأمور المستجدة والطارئة ).
- وهذا لا يعني نفي تقليد الأئمة - رحمهم الله تعالى -، وإنما مراعاة تغير زماننا عن زمانهم وحاجاتنا عن حاجاتهم، ومعارفنا عن معارفهم.وهم أنفسهم ربما لو تأخر الزمن حتى رأوا ما رأينا وعاشوا ما عشنا - وهم أهل الاجتهاد والنظر - لغيروا كثيراً من فتاواهم واجتهاداتهم، كيف وقد غير أصحابهم من بعدهم كثيراً منها لاختلاف العصر والزمان رغم قرب ما بين أولئك وهؤلاء؟ بل كيف وقد غير الأئمة كثيراً من أقوالهم في حياتهم، تبعاً لتغير اجتهادهم، بتأثير السن أوالنضج أوالزمان أوالمكان ؟.
هـ- أولوية الدراسة والتخطيط لأمور الدنيا
- إذا كنا نقول بضرورة سبق العلم على العمل في أمور الدين، فنحن نؤكد ضرورة ذلك في شؤون الدنيا أيضاً، فنحن في عصر يؤسس كل شيء على العلم، ولم يعد يقبل الارتجال والغوغائية في أمر من أمور الحياة.فلا بد لأي عمل جاد من الدراسة قبل العزم عليه، ولا بد من الاقتناع بجدواه قبل البدء فيه، ولا بد من التخطيط قبل التنفيذ، ومن الاستعانة بالأرقام والإحصاءات قبل الإقدام على العمل.فالإحصاء والتخطيط والدراسة قبل العمل، كلها من صميم الإسلام، والرسولكان أول من أمر بعمل إحصائي منظم لمن آمن به بعد هجرته إلى المدينة، ولقد ظهر أثر التخطيط في سيرته في صور ومواقف شتى.فالتخطيط أساس لأي عمل يراد إنجاحه.
و- الأولويات في الآراء الفقهية :
- وذلك بمعرفة الآراء التي لا تحتمل الخلاف قط ولا يقبل فيها رأي آخر ولا مجال فيها لتسامح، والآراء التي تقبل نسبة – ولو ضئيلة - من التسامح، والآراء التي تتسع للكثير من الخلاف والتسامح، وكذلك التفريق بين القطعي والظني من النصوص، فمن النصوص ما هوظني الثبوت وظني الدلالة معاً، ومنها ما هو ظني الثبوت قطعي الدلالة، ومنها ما هو قطعي الثبوت ظني الدلالة، ومنها ما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة معاً.
- وظنية الدلالة تشمل السنَّة والقرآن جميعاً، فمعظم النصوص فيها تحتمل تعدد الأفهام والتفسيرات، لأن ألفاظ اللغة بطبيعتها فيها الحقيقة وفيها المجاز والكناية، والخاص والعام، والمطلق والمقيد...وكثيراً ما تخضع الأفهام لعقول الناس وظروفهم واتجاهاتهم النفسية والعقلية.

2- الأولويات في مجال الفتوى والدعوة :
أ- أولوية التخفيف والتيسير على التشديد والتعسير.
- لقد دلت النصوص من الكتاب والسنة أن التيسير والتخفيف أحب إلى الله - تعالى - وإلى رسوله: قال الله -تعالى-: {.. يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } .
وقال - سبحانه -: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} ، وقال - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ .. مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وعَنِ الأَعْرَابِيِّ، الَّذِي سَمِعَ رَسُولَ اللهِ  يَقُولُ: إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُه.
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ  بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ  لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
- ويتأكد ترجيح الرخصة واختيار التيسير، إذا ظهرت الحاجة إليها، لضعف أو مرض أوشيخوخة أو لشدة مشقة أو غير ذلك من المرجحات. كما أن الرسول -  - قد دعا إلى تعجيل الفطور وتأخير السحور، تيسيراً على الصائم.
وقَالَ عُثْمَانَ بْنَ الْعَاصِ: وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ  حِينَ أَمَّرَنِي عَلَى الطَّائِفِ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ، تَجَاوَزِ الصَّلاةَ، وَاقْدُرِ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، وَالسَّقِيمُ، وَالْبَعِيدُ، وَذَا الْحَاجَةِ ".
- بل رأيناه -  - يشدد النكير على من يشدد على الناس ولا يراعي ظروفهم المختلفة، كما فعل بعض الصحابة الذين كانوا يؤمون الناس ويطيلون في الصلاة طولاً اشتكى منه بعض مأموميهم. وكان النبي -  - أشد ما يكون إنكاراً للتشديد إذا كوَّن اتجاهاً، وتبنّاه جماعة، ولم يكن مجرد نزعة فردية عارضة، وهذا ما نلاحظه في إنكاره على الثلاثة الذين (تقالوا عبادته)اتخذوا خطاً في التعبد غير خطه وإن كانوا لا يريدون إلا الخير ومزيد التقرب إلى الله. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -- « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ».قَالَهَا ثَلاَثًا.
ب- الاعتراف بالضرورات الطارئة في حياة الناس سواء أكانت فردية أم جماعية
- وهذا من التيسير المطلوب، فقد جعلت الشريعة لهذه الضرورات أحكامها الخاصة وأباحت بها ما كان محظوراً في حالة الاختيار من الأطعمة والأشربة والملبوسات والعقود والمعاملات، وأكثر من ذلك أنها نزّلت الحاجة في بعض الأحيان - خاصة كانت أوعامة - منزلة الضرورة أيضاً، تيسيراً على الأمة ودفعاً للحرج عنها.والأصل في ذلك ما جاء في القرآن الكريم عقب ذكر الأطعمة المحرمة في أربعة مواضع من القرآن الكريم رُفٍعَ فيها الإثم عن متناولها مضطراً غير باغ ولا عاد.
ج- تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
- من التيسير المطلوب ضرورة الاعتراف بالتغير الذي يطرأ على الناس سواء أكان سببه فساد الزمان كما يعبر الفقهاء، أو تطور المجتمع، أو نزول ضرورات به، ومن ثَمَّ أجاز فقهاء الشريعة تغيير الفتوى بتغير الأزمان والأمكنة والأعراف والأحوال مستدلين في ذلك بهدي الصحابة وعمل الخلفاء الراشدين الذين أمرنا النبي - -أن نهتدي بسنتهم ونعض عليها بالنواجذ.
- وهي التي كانت تستند إلى المصلحة المرسلة أو الأعراف السائدة، فتغيرت هذه أو تلك، أما التي تستند لنص من القرآن والسنة أو الإجماع أو القياس، فلا تتغير ولا تتبدل، فهي محكمة ثابتة.
د- مراعاة سنة التدرج.
- فمن التيسير المطلوب مراعاة سنة التدرج جرياً على سنة الله - تعالى - في عالم الخلق، وعالم الأمر، واتباعاً لمنهج التشريع الإسلامي في فرض الفرائض من الصلاة والصيام وغيرهما، وفي تحريم المحرمات كذلك.ولعل أوضح مثال على ذلك هوتحريم الخمر على مراحل معروفة في تاريخ التشريع الإسلامي.
لقد كانت الخمر والميسر والأنصاب والأزلام من معالم الحياة الجاهلية، ومن التقاليد المتغلغلة في المجتمع الجاهلي. وكان يصاحب مجالس الشراب نحر الذبائح واتخاذ الشواء منها للشاربين وللسقاة ولأحلاس هذه المجالس ومن يلوذون بها ويلتفون حولها! وكانت هذه الذبائح تنحر على الأنصاب وهي أصنام لهم كانوا يذبحون عليها ذبائحهم وينضحونها بدمها.
ولم يبدأ المنهج الإسلامي في معالجة هذه التقاليد في أول الأمر، لأنها إنما تقوم على جذور اعتقادية فاسدة فعلاجها من فوق السطح قبل علاج جذورها الغائرة جهد ضائع.حاشا للمنهج الرباني أن يفعله! إنما بدأ الإسلام من عقدة النفس البشرية الأولى.عقدة العقيدة.بدأ باجتثاث التصور الجاهلي الاعتقادي جملة من جذوره وإقامة التصور الإسلامي الصحيح.إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة..بيّن للناس فساد تصوراتهم عن الألوهية وهداهم إلى الإله الحق.وحين عرفوا إلههم الحق بدأت نفوسهم تستمع إلى ما يحبه منهم هذا الإله الحق وما يكرهه.وما كانوا قبل ذلك ليسمعوا! أو يطيعوا أمرا ولا نهيا وما كانوا ليقلعوا عن مألوفاتهم الجاهلية مهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة..
أو بتعبير آخر: لقد بدأت الأوامر والنواهي بعد «الإسلام»..بعد الاستسلام..بعد أن لم يعد للمسلم في نفسه شيء..بعد أن لم يعد يفكر في أن يكون له إلى جانب أمر اللّه رأي أو اختيار..أو كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه: «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين»:
«..انحلت العقدة الكبرى..عقدة الشرك والكفر..فانحلت العقد كلها وجاهدهم رسول اللّه -  - جهاده الأول، فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر أو نهي وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى، فكان النصر حليفه في كل معركة.وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة، لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ولا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى.حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد..نزل تحريم الخمر والكؤوس المتدفقة على راحاتهم فحال أمر اللّه بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة »
- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ}، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ  إِذَا أَقَامَ الصَّلاةَ نَادَى: أَنْ لاَ يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ سَكْرَانُ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِْْْْْْْْْْْ- وهى« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ».
- فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا..
ولما نزلت آيات التحريم هذه، في سنة ثلاث بعد وقعة أحد، لم يحتج الأمر إلى أكثر من مناد في نوادي المدينة: «ألا أيها القوم.إن الخمر قد حرمت»..فمن كان في يده كأس حطمها ومن كان في فمه جرعة مجها، وشقت زقاق الخمر وكسرت قنانيه..وانتهى الأمر كأن لم يكن سكر ولا خمر!
- ولعل رعاية الإسلام للتدرج هي التي جعلته يبقي على " نظام الرق " الذي كان نظاماً سائداً في العالم كله عند ظهور الإسلام، وكان إلغاؤه يؤدي إلى زلزلة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فكانت الحكمة في تضييق روافده بل ردمها كلها كلما وجد إلى سبيلاً وتوسيع مصارفه إلى أقصى حد، فيكون ذلك بمثابة إلغاء للرق بطريق التدرج.
-والرق من آثار الحرب التي تقضي على الرجال المقاتلين وتبقي النساء والأطفال، فهؤلاء صاروا تحت ملك المسلمين، فلو تركوا لضاعوا لعدم وجود معيل لهم، ولعاثوا في الأرض فساداً ؛ لأنهم في الأصل أعداء، ولنشروا الفاحشة وسط المجتمع الإسلامي.أو نوزعهم على المجاهدين، وعندئذ نأمن شرهم وخطرهم، ويقوم المسلمون بإعالتهم وتربيتهم تربية إسلامية، كما يربي المسلم أبناءه، وهؤلاء يتعرفون على الإسلام من الداخل، وفي الغالب سوف يسلمون، وذلك لأن سيدهم مأمور بعرض الإسلام عليهم، فمن أسلم على يديه واحد منهم أعتق الله رقبته من النار بسببه.
وكذلك لو تزوج الأمة وجاءه ولد منها فولدها يحررها وتصبح أم ولد لا يجوز له بيعها، فإن لم يحررها هو فتصبح بموته حرة، وابنها منذ البداية حرٌّ، ومن أفضل القربات عند الله أن تسلم الأمة على يديه ثم يعتقها ثم يتزوجها كحرة.
وقد حض الإسلام على عتق الرقاب بشتى الوسائل والسبل من كفارات ومكاتبة وغيرها، وذلك للتقليل من الرق.
- لا نعني بالتدرج هنا مجرد التسويف وتأجيل التنفيذ، واتخاذ كلمة التدرج تكأة لتمويت الدعوة إلى دين الله، لا بل التدرج الواعي المخطط له،
وهو المنهج الذي سلكه النبي -  - لتغيير الحياة الجاهلية إلى حياة إسلامية.
- وكما عبر عنه عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين - فقد أراد أن يعود بالحياة إلى هدي الخلفاء الأربعة، لكن بعد أن يتمكن ويمسك الخيوط في يديه، وكان له ابن يقال له: عبد الملك، فيه فتوّة، وحماس، وحيوية وتقى، فأنكر على أبيه البطء، وعدم الإسراع في إزالة كل بقايا الانحراف والمظالم، حتى تعود الحياة إلى سيرتها الأولى أيّام الراشدين، إذ قال له يوما: مالك يا أبت لا تنفذ الأمور؟ فوالله ما أبالي، لو أن القدور غلت بي وبك في الحق.فكان جواب الأب الفقيه: لا تعجل يا بني، فإن الله ذمَّ الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة، فيدعوه جملة، فيكون من ذا فتنة...إلخ يريد الخليفة الراشد أن يعالج الأمور بحكمة وتدرج، مهتدياً بسنة الله – تعالى.
هـ- تصحيح ثقافة المسلم.
- من المهم واللازم اليوم وخلال تثقيف المسلمين في دينهم: أن نعرف ما ينبغي أن يقدم لهم، وما ينبغي أن يؤخر، وما ينبغي أن يحذف من ثقافة المسلم، ولا بد من دراسة المهم والنافع من العلوم، لا التي تضيع وقته دون فائدة تذكر!.
و- الاهتمام بما اهتم به القرآن أولاً.
- فما اهتم به القرآن كل الاهتمام، وكرره في سوره وآياته، وأكده في أمره ونهيه، ووعده ووعيده، يجب أن تكون له الأولوية والتقديم والعناية في تفكيرنا وفي سلوكنا، وفي تقويمنا وتقديرنا.وذلك مثل الإيمان بالله - تعالى - وبرسالاته إلى أنبيائه، وبالدار الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب، وجنة ونار.ومثل أصول العبادات والشعائر، ومثل أصول الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، ومثل الكلام عن الجهاد في سبيل الله فهو يأتي بعد العبادات المحضة مباشرة، ومثل الكلام عن أعداء الإسلام ومعرفة طبيعتهم والحذر منهم، وكيفية التخلص منهم، ومثل بيان طبيعة الإيمان والكفر وصفات المؤمنين وصفات الكافرين وصفات المنافقين، حتى لا تلتبس هذه الأمور في نفس المؤمن.
إننا نملك إنقاذ البشرية من ويلات الجاهلية وحربها المشبوبة في شتى الصور والألوان.ولكننا لا نملك إنقاذ البشرية، قبل أن ننقذ نحن أنفسنا، وقبل أن نفيء إلى ظلال السلام، حين نفيء إلى رضوان اللّه ونتبع ما ارتضاه.فنكون من هؤلاء الذين يقول اللّه عنهم إنه يهديهم سبل السلام. «وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ»..والجاهلية كلها ظلمات..
3- الأولويات في مجال العمل :
أ- أولوية العمل الدائم على العمل المنقطع.
- لقد بيّن القرآن الكريم كما وضحت السنة النبوية أن الأعمال عند الله - تعالى - متفاوتة المراتب، وأن هناك الأفضل والأحب إلى الله - تعالى - من غيره.ولكن هذا التفاوت ليس اعتباطياً، وإنما هو مبني على معايير وأسس ينبغي أن تراعى، ومنها أن يكون العمل أدوم، أي: أن يداوم عليه فاعله ويواظب عليه، بخلاف العمل الذي يقع منه بعض المرات في بعض الأوقات.قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى رَسُولِ اللهِ  أَدْوَمَهَا، وَإِنْ قَلَّ، كَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا يَقُولُ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ اللَّهُ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ}.
ب- أولوية العمل الأطول نفعاً وأبقى أثراً.
- إن امتداد العمل وبقاؤه زماناً مطلوب ومفضل عند الله - عز وجل -، وكلما كان النفع به أطول، كان أفضل وأحب إلى الله.ومن أجل ذلك فُضٍّلت الصدقة بما يطول النفع به، عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -- « أَفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنِيحَةُ خَادِمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ طَرُوقَةُ فَحْلٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ »
المنيحة: هي الناقة أو الشاة يعطيها الرجل رجلاً آخر يحلبها، وينتفع بلبنها، ثم يعيدها إليه.
الطروقة: الأنثى التى بلغت أن يطأها الفحل . الفسطاط: الخيمة.
- ومن هنا كان فضل الصدقة الجارية التي يستمر نفعها وأثرها بعد وفاة المتصدق بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.
- وعَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا نَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ .
ج- أولوية العمل المتعدي النفع على العمل القاصر النفع.
- فالعمل الأكثر نفعاً مفضلٌ على غيره، وعلى قدر نفعه للآخرين يكون فضله وأجره عند الله تعالى ..
فعَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلاً، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ، وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ ".
- ومن هنا كان كل عمل يتعلق بإصلاح المجتمع ونفعه أفضل من العمل المقصور النفع على صاحبه، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلاَةِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ: وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ.
- ومن هنا كان فضل الدعوة والعمل الواعي في سبيل الله أعظم أجراً من الانقطاع إلى العبادة مرات ومرات. وعلى قدر من ينتفع بعلمه ودعوته يكون أجره ومثوبته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا.
وكذلك جاء فضل عمل الإمام العادل على عبادة غيره عشرات السنين، لأنه في يوم واحد قد يصدر من القرارات ما ينصف آلاف المظلومين أو ملايينهم، ويرد الحق الضائع إلى أهله، ويعيد البسمة إلى شفاه حُرِمت منها، وقد يصدر من العقوبات ما يقطع سبيل المجرمين، ويستأصل شأفتهم، أو يفتح لهم باب الهداية والتوبة.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ : « عَدْلُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً، قِيَامُ لَيْلِهَا، وَصِيَامُ نَهَارِهَا، وَجَوْرُ سَاعَةٍ فِي حُكْمٍ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ مِنْ مَعْصِيَةِ سِتِّينَ سَنَةً »
د- أولوية العمل في أزمنة الفتن والشدائد.
- أي في الأزمنة الصعبة على الأمة، فالعمل الصالح هنا دليل القوة في الدين والصلابة في اليقين والثبات على الحق كما أن الحاجة إلى صالح الأعمال في هذا الزمن أشد من الحاجة إليه في سائر الأزمان.بل إن العاملين في هذه الأزمنة لهم الأجر الأكبر،{لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
هـ- أولوية عمل القلب على عمل الجوارح.
- إن أعمال القلوب الباطنة مفضلة على أعمال الجوارح الظاهرة، لأن الأعمال الظاهرة نفسها لا تقبل عند الله -تعالى - ما لم يصحبها عمل باطن هو أساس القبول، وهو النية، كما قَالَ رَسُولُ اللهِ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ.."،" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلا أَحْسَابِكُمْ وَلا أَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"،"أَلَا، وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ "
و- اختلاف الأفضل باختلاف الزمان والمكان والحال.
- إن الأولوية والأفضلية في كثير من الأمور لا تكون أولوية مطلقة في الزمان والمكان والأشخاص والأحوال وإن تفاوتت؛بل الغالب أنها تتفاوت بتفاوت المؤثرات الزمانية والبيئية والشخصية، ولهذا أمثلة كثيرة :
• أفضل الأعمال الدنيوية :
فقد اختلف علماؤنا: أي هذه الأعمال أفضل وأكثر مثوبة عند الله: الزراعة أم الصناعة أم التجارة ؟ قال العلماء: لا نفضل واحدة منهم بإطلاق، بل التفضيل يكون بحسب حاجة المجتمع إليها: فحيث تقل الأقوات ويكون المجتمع في حاجة إلى غذائه اليومي الذي لا عيش له إلا به، تكون الزراعة أفضل من غيرها لحماية الأمة من الجوع وتوفير الأمن الغذائي، وخصوصاً إذا كان في الزراعة بعض المشقة والصعوبة، فالصبر عليها يكون من أفضل الأعمال.
• أفضل العبادات :
وقد اختلف العلماء بالنسبة لأفضل العبادات بالنسبة للفرد اختلافاً بعيداً، وتعددت أقوالهم وتباينت، والقول المرجّح ما ذكره الإمام ابن القيم، وهوأن ذلك يختلف من شخص إلى آخر، ومن وقت إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، ومن حال إلى آخر.فالأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً: القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.والأفضل في أوقات السحر: الاشتغال بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار.والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته: عيادته، وحضور جنازته وتشييعه.

إعــداد / أبو أنــس
محمـد الدسوقــى عبـد العليــم
المنيا – مطــاى – جــوادة
Web: www.eldesuky.maktoobblog.com

Email: Mohammed.6236@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhallalislamy.ahladalil.com
 
تيسير فقه الأولويات(1)(محمد الدسوقى عبد العليم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تيسير فقه الأولويات(2)(محمد الدسوقى عبد العليم)
» المتابعــــــــــــة - محمد الدسوقى عبد العليم
» التنظيم فى الإدارة - محمد الدسوقى عبد العليم
» التنظيم الإدارى (1) محمد الدسوقى عبد العليم
» العلاقات العامة - محمد الدسوقى عبد العليم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحل الإسلامى .. محمد الدسوقى عبد العليم :: نشر الدعوة :: الفقه الإسلامى-
انتقل الى: