أُذَكِّرك بهذا لكى تدرك حقيقة مرحلتك العمرية التى تؤثر فيك خلالها انفعالات كثيرة ثم تتهم المجتمع بالتخلّف..والأسرة بالرجعية.
ومن هذه الانفعالات التى تؤثر فيك أو فيمَن هو فى نفسك سنك:
*المثالية العليا: تلك المثالية الشديدة التى يطلبها الشباب والفتيات دون أن يعيشا الواقع المُعاصر..يريد كلاً منهما المدرس المثالى،،المُربى المثالى،،الأب المثالى،،الأم المثالية،،المكان المثالى،،الصديق المثالى،،،ربما هذا ما يُفَسِّر ارتباط الشباب بالأشخاص دون ارتباطه بالمنهج(الربانى).
فإذا رأى من قدوته انحرافاً فى سلوك أو عادة لم يرها عليه من قبل،قد يؤثر ذلك فيه هو وينحرف أو يضل الطريق أو يفقد الثقة فى مثل هذه القدوات..فى كل مدرس..فى كل,,,
ثُمَّ إن هذه المثالية التى تطلبها من المفروض أن تكون مثالياً-وهذا أمر صعب-إلا أن تبحث عن المثالية مع نقص كفاءتك..وهذا ما يحدث.
الشاب عندما يُقبل على الزواج باحثاً عن زوجة يريدها تختم حفظ القرآن وتتحلَّى بالأخلاق الرفيعة وتحسن معاملة غيرها وتُجيد الحديث وتلتزم بالحجاب،وفى نفس الوقت تكون من أجمل الجميلات..ينطبق عليها المواصفات التى رسمها هو! وماذا عنه هو؟! لستُ أدرى.
يبحثُ عن المثالية مع نقص كفاءته،وربما هذا ما يفسِّرُ لجوء الشباب-والفتيات-دون وعى- إلى أحلام اليقظة التى تستقطع من ساعات يومه وأيام عمره أوقاتاً دون جدوى غير أنه حقق رغباته وأُمنياته بمثالية عُليا،حقق بالفعل كل هذا،لكن..وهو يحلم..وهو يقظان ..شارد الذهن.
ليته يحلم وهو يخدم دينه ووطنه ومجتمعه وهو يسير-يقظة- نحو تحقيق ما عاشه فى أحلام يقظته.
وحتى تهبط من الفضاء وتسير بقدميك على الأرض،عِش الواقع المُعاصر بحُلوه ومُرِّه.إذا كنتَ تبحثُ عن زوج المستقبل تُريدها كمريم ابنة عمران أو رابعة العدوية فتذكَّر أنك لستَ بيوسُف الصِدِّيق ولا بشيخ الإسلام..،إذا كنت تبحثُ عن المُربى المثالى فكُن أنت الجندى المثالى.
حينها ستجنى الثمر ولا تُبالى بالشوك.
حينها ستعرف مَن أنت،ومَن هذا الذى تُعامله فى بيتك،مدرستك،فى أى مكان وزمان...ستعرف أن هذا الذى تُعامله إنسان-وليس مَلك-يُصيبُ ويُخطىء ،قد رأيتَ محاسنه ولكن لديه عيوب وأخطاء وعثرات وهفوات غابت عنك ستنكشف أو تُبدَى لك أو لا تبدى لك، ولستَ مُطالباً أنت بالبحث عنها أو تتبعها"ومَن تتبع عورة امرئٍ تتبع الله عورتَه".
لذلك فعندما تجد منه عيباً أو زلَّة فإنك لا تُصَدم ولكن تُعالجها بفن وحكمة.
*الفشل فى العلاقات مع الجنس الآخر:
يسأل الشاب نفسه؛هل شخصيتى تُعجب الفتيات-أو سمَّى فتاة بعينها-؟ ثُمَّ تراه يلبس من أجل الفتاة، ويجيد الكلام من أجلها، وقد يكذب ويجامل من أجلها،،يُنافق ويرائى من أجلها،،يُخاصم ويهجر ويتشاجر مع أعز أصدقائه ..لا أعنى هذا بالطبع كل الشباب،وإنما أعنى مَن تستهويه نفسه للزج بها فى تبعات الهوى والشهوات.
...يُبادر إلى تكوين علاقة عاطفية مع الجنس الآخر ليُثبت رجولته أو ليُقلد الآخرين أو لتأثره بما شاهده من أفلام ومقاطع رومانسية أو جنسية؛؛وهكذا تكون البداية..ولأنه يخشى هذا المُستقبل فيزداد قلقه واضطراباته و...
وتسأل الفتاة أيضاً نفسها؛هل شخصيتى جذّابة..هل نبرات صوتى،لون بشرتى،،،يُعجب الشباب أو سمَّت شاباً بعينه؟ ثُمَّ تلبس وتتزين من أجل الشاب وربما رققت صوتها وتلين حدته وتخضع بالقول من أجله،وربما نافقت أو كذبت أو راءت أو خاصمت أو...كل هذا من أجل الشاب.
ثمَّ سرعان ما تفكر فى هذا الجنس الآخر؛تقبل منه نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقــــاء.أول الأمر تمتنع وهى راغبة ثم تستجيب بعد لعواطفها الجياشة وهواها المتبع...ويتبع ذلك لحظات التفكير والشوق والولهان والسرحان ومن ثَمَّ آلام الفرقة والقلق والاضطرابات..وبعد..تساءل نفسها قلقاً:تُـرى هل عرف أحد بعلاقتنا؟ هل رآنا فلان؟ هل سيتزوجنى كما وعد؟هل..؟هل..؟كل ذلك بمعزل عن الدين.
هذه المخاوف من الفشل فى العلاقات مع الجنس الآخر يدفع الفتى والفتاة إلى الوراء..إلى القهقرى.
ميدان الدراسة{المدرسة والجامعة}
أنتقل بك إلى ميدان المدرسة حيث العمل الذى هو غالباً ما يشعر الطالب أنه مُسيَّر عليه دون رغبة قوية محببة لديه،صحيح أنه قد يُحِب الهدف الذى من أجله يستذكر دروسه أو تصير المذاكرة مجرد عادة اعتاد عليها دون تجديد النية والرغبة فى تحقيق أُمنياته.
إذن نتجدَّث عن عمل ثقيل على النفس –إلا ما رحم ربى-ولولا حبنا للهدف أو رغبتنا فى الانتهاء من مراحل التعليم لَهَجَرنــا هذا العمل؛وأى عمل؟ إنه التعلُّم الذى قيل فيه:العلمُ لا يُعطيكَ بعضه حتى تعطيه كلك. فلا يمكنك أن تحصله إلا بالصبر الجميل.
-فإذا كُنتَ ممن يعتبرون المذاكرة من البلاء فينبغى عليك أن تتحلَّى بالصبر واعتبر أن هذا صبر على المكارِه،أو صبر على أقدار الله المؤلمة.
-وإذا كُنتَ تعد المذاكرة أمر من الطاعات فتحلى بالصبرِ أيضاً واعتبر ذلك صبر على الطاعة..بهذا ستؤجَر على ما تقوم به من مذاكرة إذا صلحت النية.
واعلم أن الإيمـــان نصفان :نصف صبر ونصف شكر-كما أخبر بذلك سيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم)الذى تعلمنا منه أنَّ المُسلِمَ يتوكَّل على الله ولا يتواكل ويأخذ بالأسباب والنتائج على الله(عز وجل)؛ومن الأخذ بالأسباب أن يسلك الطالب كل سبيل من سبُل التفوق ويبحث عن عوامل النجاح حتى لا يكون إتكاليَّـــاً.
ومن أهــم عوامــل النجــاح
(1)-القدرة العقليَّــة : يعرف الطالب قدراته جيداً حتى لا يُحَمِّسه المُجتَمع ليلتحق بأحد الأقسام أو التخصصات،وقدراته العقلية دون ذلك فيفشل فى أن يُحَقِّـق النجاح المرجو إلا أنه لبَّـى رغبة الأسرة أو أخَذَته الغيرة من زميل،ونسى قول النبى (صلى الله عليه وسلم):رحِمَ الله امرءاً عرف قدرَ نفسَه. بل غفل عن قول الله(عز وجل):"بل الإنسان على نفسه بصيرة".
(2)-الطموح : الطموحات العالية عند الشباب والفتيات تولِّد نوعاً من الحماسة الشديدة قد تجعل الواحد منهم ينحت فى الصخر ويتحدَّى الصِعـــاب .ففى عهد النبوة يلقى أحدهم بتمرات كانت بيده شاهراً سيفه فى وجه الأعداء ليقاتل حتى يُقتَل ويلقى الله شهيداً.وهذا على بن أبى طالب(كرَّمَ اللهُ وجهَه)-فى إحدى المعارك-يفقد مجنّه الذى يقى نفسه به من ضربات السيوف فلا يجد إلا أن يقتلع باب الحصن المنيع ويتخذه مجناً له ووقاية من سيوف العِدى..أى قوة هذه؟بل ما الذى جعلها تُستَجمع فى وقت كهذا؟
إنه الطموح والرغبة العالية....الرغبة فى الجنة ورضا الله عز وجل. ألا ترى الفتاة الفلسطينية وهى المخلوق الأنثوى الضعيف البنية كيف تتغلَّب على الجند الإسرائيلى المفتون العضلات،بل تتغلَّب على شيطانها وهوى نفسها ثُمّ تقوم بعملية استشهادية..تُفَجِّر نفسها لتقتل العشرات من جنود العدو وترهب بما فعلته عدو الله وعدونا وتحيا هى حياة عزيزة عند ربها......ترى ما الذى دفعها إلى ذلك؟ما الذى تطمح إليه؟ لا شىء سوى أن تفوز بسلعة الله الغالية "ألا إن سلعة الله غالية..ألا إن سلعة الله الجَنَّـــة".
(3)-القدرة على التعامل مع الآخرين ومع المواد الدراسية : ومع الأشياء كلها قدر الإمكان.
(4)-القدرة على الجد والمُثــابرة : إنَّ لكل مقامٍ مقال،فساعة الجد ينبغى ألا تتحول إلى ساعة لهوٍ واستهتار وهى ساعة تحتاجُ إلى صبر ومثــابرة.
(5)-التغلُّب على المشاكل الحياتية قدر الإمكان : لا تحاول أن تحل مشاكلك بمعزل عن الدين فتضل أو تطغى،وإنما بالحل الإسلامى..القرآن والسُّنَّة.قال تعالى:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحَكِّموكَ فيما شجرَبينهُم..." وقال الرسول(صلى الله عليه وسلم):"تركتُ فيكُم شيئين ما إن تمسَّكتُم بهما لن تضلوا بعدى أبداً:كتاب الله وسنتى".فإذا واجهت مشكلة سل نفسك:ماذا يفعل الرسول لو كان مكانى فى هذا الموقف؟
(6)-التغلُّب على المخاوف وترك التسويف : ولعلَّ من أكبر المخاوف فى هذه المرحلة هى الإمتحانات،ولعلها أيضاً بسبب عامل الزمن المحدد للإمتحانات.فالطالب لا يختار موعِد امتحانه فى الوقت الذى يناسبه هو،كما أن صعوبة الإمتحانات نفسها مصدر خوف لأنه لو كان معروفاً لدى الجميع سهولة الإمتحانات ما كَدَّ الطالب واجتهدَ فى مُذاكرته.{ألا يُذكرك هذا الموقف بشىء؟..إنه يُذكرنى بالساعة..الموت..القيامة.الكرامة أو المهانة}فلكل مجتهد نصيب ولا سبيل إلا الاستعداد الجيد.ومن أهم مصادر الخوف هو شكل ورقة الإمتحان أو صياغة الأسئلة وهذان الأمران مجهولان بالنسبة للطالب-وربما المعلم أيضاً-وطبيعة الإنسان يخشى الغيب أو الشىء المجهول – ولعل هذا يُفسِّر لنا خوف كثير من الناس من الحديث عن الجن والعفاريت فضلاً عن رؤيتهم،وقلق الكثير من فوات الرزق خوفاً من الغد المجهول أو تأميناً عليه- وللتغلب على مصادر الخوف والسيطرة على القلق:
لا بد من الاستعداد بشكلٍ كافٍ لهذا اليوم من مذاكرة جادة وتدريب على امتحانات حتى تألف شكل ورقة الأسئلة.ودعكَ من التسويف فإنه نصيحة الشيطان ومفتاح عمله مع ابن آدم والمسلم خاصة.
(7)-التدين والالتزام بشرع الله : نظراً لمتغيرات متطلبات الحياة فإن الإنسان يواجه كثيراً من المواقف والأحداث اليومية الضاغطة والمشكلات المتراكمة،مما ينعكس ذلك سلبياً على استذكار الدروس وربما على الصحة النفسية. لذلك فوجود قدر من التدين والإلتزام بمنهج الله يُحَسِّن من قدرة المسلم على مواجهة الأحداث والصعاب والمشكلات العديدة التى يمر بها.فتخلَّق بالقرآن كما كان أخلاق النبى(صلى الله عليه وسلم):كان خُلُقُه القرآن،كان قرآناً يمشى على الأرض .
وكثير من علماء النفس_رغم اختلاف دياناتهم-ينادون بأهمية الدين والطقوس الدينية فى علاج الأمراض والإضطرابات النفسية،ونحن أولى بتعاليم ديننا من هذه النداءات لأن الإيمان بالله يمد المسلم بقوة خارقة..يمده بطاقة روحانية هائلة تُعينه على تحمل أعباء الحياة و..
فالتديُن يُربّى الضمير ويهذب الأخلاق والمشاعر ويحض على التفوق والنجاح.
والتدين الحقيقى يُساعد فى بناء شخصية المسلم، ويجعلها شخصية متزنة..شخصية تعرف ما لها فتنهض إليه، وما عليه فتؤديه.وقديماً قال ابن حزم: التدين يقى الفرد من الصدمات النفسية والمشكلات الإجتماعية وفيه الراحة والطمأنينة والسَّكينة،كما أنه يُخفِّف على المسلم همومَه وآلامَه.مصداقاً لقوله تعالى:"من عملَ صَالِحاً من ذَكَرِ أو أُنثَى وهُوَ مؤمن فلَنُحييَنَّــه حياة طيبة".
نعم..فما أًستبيحت الأمة بيضتها وما شاعَ الفسق فيها وما انحرف شبابها إلا بسبب هجر دستورها الإلهى وبُعدها عن تعاليم الدين الحنيف! ولو أن بلداً من بلادنا العربية جعلت القرآن دستوراً لها وتحاكمت إليه ورغَّـبَت فيه لوفَّرَ ذلك عليها كثيراً من الجهد وبذل الأموال الطائلة لأجل محاربة الفساد ومعالجة المدمنين....وما تفككت الأسر وما صارت الأسرة الواحدة وكأنها أُسَر متعددة،وإن شئت قُل:دويلات داخل دولة.
فيا شباب الإسلام:التربية التربية قبل أن تتعلموا،أعنى التربية الإيمانية.ولا تنس أن العلم طريق الإيمان.
مع الجنــس الآخــــــــر
سبحان من صرف على المحبة القلوب كما يشاء ولما يشاء بقدرته،واستخرج بها ما خلق له كل حى بحكمته ، وصرفها أنواعاً وأقساماً بين بريته ، وفصَّلها تفصيلا ، فجعل كل محبوب لمحبة نصيباً ، مخطئاً كان فى محبته أو مصيباً ، وجعله بحبه منعماً أو قتيلاً.فقسمهما بين:
محب الرحمن ومحب الأوثان، ومحب الصلبان ومحب الأوطان،ومحب الإخوان ومحب النسوان، ومحب الألحان ومحب القرآن، وفضَّل أهل محبته ومحبة كتابه ورسوله على سائر المحبين تفضيلا.
فبالمحبة وجدت السموات والأرض، وعليها فطرت المخلوقات وبها ظفرت النفوس بمطالبها ،وحصلت على نيل مآربها وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلا ،وبها نالت الحياة الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد(ص) رسولا.
ثم أما بعد؛ أتحدث إليك عن موضوع فى غاية الأهمية، يشغل حيزاً كبيراً من ذاكرة وتفكير شباب المرحلة ، سلك طريقاً ملتوياً من يتجاهل
عوائق الاستقامة
- الشباب هم عماد هذه الأمة، وعليهم مسؤوليات جسيمة في بناء الأمة والنهوض بها، وهم أمل الأمة بعد الله سبحانه وتعالى في المستقبل، لذا كان لزاماً أن نعنى بهذه الفئة وهذه الطبقة من المجتمع .
- أنه يلاحظ في عصرنا هذا انتشار ألوان الانحراف والشذوذ لدى طبقات كثيرة من الشباب، تتمثل في انحراف الجوانب الأخلاقية، وانتشار الممارسات الشاذة في ذلك مما أدى إلى البعد عن طريق الاستقامة وسلوك كثير من أبواب ووسائل الانحراف .
-أن هؤلاء الشباب الذين نعنيهم يعيشون في الواقع في عالم آخر يجهله الكثير من الناس، بل كثير من آباء هؤلاء الشباب –كما سيأتي- لا يعلمون ما يصنع هؤلاء الشباب، ويجهلون تفاصيل دقيقة ومهمة جدًّا في حياة أبنائهم قبل أن تكون في حياة غيرهم من أبناء الناس.
لذا لابد أن نسعى إلى أن نلقي الضوء على هذا العالم، وأن نكتشف واقع هؤلاء الشباب، وأن نحاول أن ندرس واقعهم، وألا يكون الحديث حديثاً عاطفياً ، لأن هذا ليس منهجاً علمياً، فنحن نريد أن نتحدث عن واقع ومعرفة مع دراسة متأنية لهذا الواقع .
- اتضح لنا من خلال دراسات أن الكثير من هؤلاء الشباب وإن كان عنده انحراف و فساد فهو يحمل جوانب خيَّرة، يحمل البذرة الطيبة، ولازال على الفطرة الخيرة خاصة أن أكثر هؤلاء الشباب بل عامتهم إنما ضلاله ناشئ عن الشهوات وليس عن الشبهات ولا عن الشك، وعندما يكون الأمر بهذه الصورة فإن ذلك يدعونا إلى العناية بمثل هذا الأمر، فإنه قد يسهل تدارك أحوال الكثير منهم .
كثير من الشباب يدرك أنه على طريق خاطئ، ويتمنى أن يسلك طريق الاستقامة -وسيأتي إن شاء الله ما يؤيد ذلك - لكن هناك عوائق وحواجز تحول بينهم وبين طريق الاستقامة، وعندما نتحدث عن هذه العوائق لا نعني أنها تعتبر عذراً ومانعاً لهم، فإن كل شاب مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى مهما كان عنده من العوائق والعقبات، فإن الله سبحانه وتعالى لم يكلفه إلا بما يستطيع، و لن يحاسبه إلا على أعماله، ولئن كان البعض يدعي أن الذي يمنعه ويحجزه عن سلوك طريق الالتزام والاستقامة هي هذه العوائق فهناك الكثير من الشباب عندهم من العوائق التي لا تقارن أبداً تلك العوائق التي يحتج بها هؤلاء الشباب .
وأول عائق من هذه العوائق وأهمها من خلال الدراسة التي أجريت هو :
اولا : التعلق بالشهوات
لقد وجد أن كثيراُ من طلاب المرحلة المتوسطة و الثانوية يرون أن التعلق بالشهوات يعتبر عائقاً من عوائق الاستقامة، ومن خلال الحوارات الشفوية التي أجريناها مع الشباب على الأرصفة يكاد يتفق الكثير منهم على أن هذا العائق يعتبر من أكبر العوائق التي تعوق عن طريق الاستقامة، فالشاب يعرف الحق ويراه واضحاً لكن نفسه قد تعلقت بهذه الشهوة، وقد توجهت لها، فأصبح أسيراً لا يستطيع الانتصار على نفسه، ولا يستطيع أن يترك هذا الطريق لأنه يعلم أنه سوف يخسر هذه الشهوات واللذات العاملة التي يجدها .
وأيضاً مما يؤيد هذه القضية انتشار وسائل الفساد والانحراف والإثارة ومنها :
التلفاز: وتعرفون ماذا يعني الشباب في هذه البرامج وماذا يشاهدون، أتظن أنهم يتابعون الأخبار العالمية أو البرامج العلمية أو الكشوفات الجديدة أو يتابعون ما يسمى بالبرامج الدينية أم أنهم يتابعون أمراً آخر؟ ولقد وجد أن 45% منهم يفضل المسرحيات و43 % يفضل التمثيليات، ومعروف ما وراء ذلك من صور فاتنة ومثيرة، ومما يزيد الأمر خطورةً هو وجود أجهزة الاستقبال المباشر وانتشارها الواسع حتى أنه لا يكاد يخلو بيت إلا وفيه جهاز من هذه الأجهزة، ومع ذلك نجد صمتاً مطبقاً من كثير ممن يعنيهم من عامة المسلمين، مع أنه لا يخفى على أحد أنه تنشأ عن هذه الأجهزة مخاطر لا تحصى، ومن هذه المخاطر التي تسببها :
*مخاطر عقدية ودينية : كعرض حلقات للتنصير والتبشير والتشكيك في الدين.
*مخاطر أخلاقية : ولست بحاجة عن الحديث عما يجري في تلك القنوات التي تستقبل من كافة أنحاء العالم .
*مخاطر أمنية:فالشاب يرى في هذه القنوات كيف ترتكب الجرائم،وكيف يخطط لارتكابها،وكيف تتم أعمال السطو، وكيف تتم أعمال تهديد الناس، وهو بالتالي سيستعمل هذه الوسائل لتهديد أمن مجتمعه .
*مخاطر سياسية : فبعض بلاد المسلمين لا تعرف المظاهرات ولا أعمال العنف ولا تعرف أيضاً أعمال الشغب، فما موقف شباب المجتمع عندما يرون المظاهرات التي تقام في البلدان الأخرى ؟ أو عندما يشاهدون أعمال الشغب و الانتفاضات التي يقوم بها من يسمون بالمعارضة أو غيرهم ؟ وكيف سيكون أثر تلك الأمور عليهم ؟
ولهذا فإن واحداً من هذه المخاطر كافٍ لأن يتخذ قرار حاسم فيه، والقضية تعنيكم جميعاً، فالذي سيتضرر هم أبناؤكم وأحفادكم، وستكون النتيجة وخيمة .
الفيديو : من الوسائل الخطيرة أفلام الفيديو ، ولك أن تتصور ما يشاهده هؤلاء الشباب في هذه الأفلام !!! فأكثر هذه الأفلام التي يحرص الشباب على مشاهدتها أفلام ساقطة، وهذه الأفلام كما أفاد الكثير من هؤلاء: أفلام جنسية، والبعض الآخر يقول : أفلام ساقطة، وبعضهم يقول : أفلام ممنوعة، والبعض أخذ يعبر بعبارات تشعر بذلك فأحد الشباب يقول : إذا بليتم فاستتروا، وآخر يقول : أستحي من ذكرها، وكل يدور حول هذا القصد وهذا المضمون، أما بقية الأفلام فأحسنها حالاً الذي تعرض الصور واللقطات الفاتنة المثيرة لغريزة هؤلاء الشباب، فما موقف هؤلاء الشباب عندما يشاهدون مثل تلكم الأفلام ؟
بل إنه مما يزعج ويبعث القلق أيضاً هو أن نسبة كبيرة من الطلاب يشاهدون هذه الأفلام خارج منازلهم وهي قضية خطيرة، فقد لا يوجد جهاز فيديو داخل البيت فيستطيع مشاهدة هذه الأفلام خارج المنزل والأب المسكين قد لا يعلم ذلك ! ثم ما نوعية هذه الأفلام التي سيشاهدها مع زميله، وما الذي سيجري بعد ذلك عندما يقوم الشباب بالمشاهدة المشتركة لهذه الأفلام ؟ أترك الإجابة لكم!.
ومن خلال استبانة كان سؤال آخر هو : اذكر عوائق أخرى تعوقك عن الاستقامة ؟
فيقول أحد الشباب : إن القابض على دينه في هذا الوقت كالقابض على الجمر، والآخر يقول: التلفاز، والآخر يقول : حب الصديق وعزته علىَّ.
وكان من ضمن الأسئلة كلمة أخيرة تود أن تقولها ؟ فإليكم هذه النماذج التي كتبها مجموعة من الشباب : يقول أحدهم : نعم، أجزم أن كثيراً من الشباب غير الملتزمين، وكان سبب ذلك ثلاثة أشياء هي : النساء الفاتنات في السوق، وكتابة الأرقام لهن، الصور الخليعة، الهاتف والمكالمات مع النساء، فقد سمعت أن بعضهن متزوجات ويكلمن وقت الفراغ مع الشباب .
شاب آخر من هؤلاء الشباب يقول : أتمنى من الله أن يجمعنا بكم في فسيح جناته، فحبذا لو أن وسائل الإعلام تقوم بواجبها الديني في عدم عرض الأفلام التي يخدعنا بها الغرب ويجدوننا ملهاة لهم، وأرجو من المسئولين منع أفلام الفيديو الخليعة، لما لها من تأثير مباشر على شباب وشابات المسلمين، هذا كلام لا يقوله أحد الملتزمين أو المستقيمين بل يقوله أحد المتابعين لهذه الأفلام، وشاب آخر يوجه إلى إيجاد حل لمشكلة الحجاب والبرقع التي أساء الكثير من النساء استعمالها وأصبحن فتنة للكثير من الشباب .
ثانيا : الجليس
قد يفكر الشاب بالاستقامة، بل إنه قد يقدم عليها، بل قد يخطو خطوات عملية في ذلك، ولكن عندما يعود إلى جلسائه وزملائه سرعان ما يعود إلى حالته السابقة، والذين تم سؤالهم شفوياً اتفق أكثرهم على أن الجليس والصديق يعتبر من أهم العوائق التي تعوق الشاب عن الاستقامة، وفي دراسة أجراها أحد الباحثين عن دور التوجيه والإرشاد النفسي في الوقاية من الانحراف في المرحلة الثانوية المطورة بمنطقة الرياض وتقدم بها للمعهد العالي للعلوم الأمنية للحصول على درجة الماجستير، ومن النتائج التي وصل إليها أن 27% من هؤلاء الشباب يقول : لا أستطيع رفض طلبات صديقي ولو كانت ضارة -من وجهة نظره هو- لكنا نعلم أنه عندما يسلك طريق الانحراف فهناك طلبات كثيرة لا يرى أنها ضارة، وبالتالي لن يرفض هذه الطلبات، فإذا كان ثلث هؤلاء تقريباً لا يستطيع رفض طلبات صديقه لسبب أو لآخر فلك أن تتصور أثر الجليس بعد ذلك على زميله .
ولاشك أن الشاب عندما يعرف أن هذا الأمر بهذه الخطورة فحينئذٍ أظن أنه يوافقنا على أن أول قرار يجب أن يتخذه عندما يفكر بالاستقامة هو أن يغير جلساءه، وأن يتخلى عنهم، أما إذا تصور أنه سيسلك طريق الاستقامة وطريق الالتزام مع أصدقائه ومع جلسائه السابقين الذين يوجهونه ويشاركونه ويشجعونه على الانحراف فهذا التصور بعيد وتصور محال، و المرء على دين خليله ويحشر يوم القيامة مع من أحب، والكثير من الشباب يستجيب للموعظة ويتأثر بها بل يعزم عزيمة صادقة على التوبة، بل يسلك خطوات عملية في ذلك، ولكن عندما يعود إلى جلسائه لا يستمر، لأنهم سيسخرون منه، وقد يكون يحقق لهم مصالح متنوعة، ومن جانب آخر هذا الزميل يعرف عنهم معلومات يخشون أن تتسرب منه عندما يسلك طريق الاستقامة، لذا فإنهم لن يألوا جهداً في استعمال كافة ألوان الضغط عليه حتى يحرفوه عن هذا الطريق .
لذلك إذا كان الشاب جادًّا فعلاً، ويريد أن يسلك طريق الاستقامة فأول قرار يتخذه -بعد التوبة الصادقة لله عز وجل- هو أن يتخلى عن جميع هؤلاء الجلساء، وأن يقول لزميله أو صديقه : "هذا فراق بيني وبينك "، ويجب أن يعلم أنه عندما يفقد أولئك فإنه لن يعيش وحيداً، بل يستبدل أولئك بالجلساء الأخيار الذين يقول الله تعالى عنهم : ( الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) [ الزخرف:67] ، ويوم القيامة يود أن يفتدي الإنسان من النار بالأهل والأصحاب والأحباب بل من ضمنهم أبوه وأمه ، قال الله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصحبته وبنيه لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأن يغنيه ) [عبس:34-37] ، وتنقطع هذه الأواصر التي هي أقوى من أواصر الصداقة وتبقى علاقة الأخوة والمحبة في الله، فلماذا لا تستبدل تلك الصداقة السيئة التي تقودك إلى الوبال في الدنيا والآخرة والتي سرعان ما يتخلى أصحابها عنك فتأتي يوم القيامة قائلاً : ( يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً ) [ الفرقان:28]؟
ثالثا : عدم تصور خطورة الأمر
كثير من هؤلاء الشباب مع إدراكه لخطأ الطريق الذي هو عليه ورغبته في الاستقامة إلا أنه لا يتصور خطورة هذا الذي يسير عليه، فتراه يتساهل ويتهاون بالمعاصي بل بالكبائر والموبقات، ولا يمنعه أي وازع عن ارتكاب أي معصية أو أي فاحشة، بل تجده يسعى إليها بكل وسيلة، بل يساهم في نشرها بكل الوسائل، كما أن بعضهم قد يفعل بعض الأمور المخرجة من الإسلام كترك الصلاة أو السخرية و الاستهزاء بالدين وأهله ، و مع ذلك كله يشعر بأن الأمر ليس فيه خطورة . وكنت أتحدث مع مجموعة من الشباب من أصحاب هذه الممارسات، وهم أصحاب سفر للخارج ، ويمارسون المضايقات للفتيات في الأسواق، ولهم مواقف ومشكلات كثيرة مع رجال الحسبة، ومع ذلك كله يقولون : نحن بخير، القضية هي قضية أخطاء وكلٌ يقع في هذا الخطأ ولازلنا نصلي ونصوم ونمارس ألوان الشعائر التعبدية.
أمر آخر وهو أن التعلق بهذه المعاصي قد يؤدي بالإنسان إلى سوء الخاتمة، فهذا الشاب قد يصلي وقد يعمل أعمالاً لا تخرجه من الإسلام، ولكنه عندما يكون منهمكاً في هذه الشهوات غارقاً فيها فإنه قد يختم له بخاتمة سوء فيقول بكلمة الكفر قبل موته، ومعروف مصيره ونهايته، تصوروا أن أحد هؤلاء الشباب كان غارقاً في الشهوات، وكان على موعدٍ مع أحد صديقاته لكنها تأخرت عليه فقلق عليها فلما جاءته لم يملك إلا أن سجد لها، فإلى هذه الدرجة يصل بالإنسان التعلق بالشهوة ؟
أحدهم كان صالحاً مستقيماً و تعلق بعلاقة محرمة شاذة مع أحد الشباب، وقبل موته قال كلمة عافانا الله وإياكم أدت به إلى سوء الخاتمة، حيث قال : رضاك أشهى إلي من رحمة الخالق الجليل .
أمر آخر أيضاً وهو أن هذه المعاصي قد تتدرج بالإنسان فتقوده بعد ذلك إلى الكفر والتخلي والانسلاخ من كافة الواجبات الشرعية .
أحد الشباب اتصل بي وكنت لا أعرفه، يشكو إلي أنه وقع في جريمة الزنا مع فتاة، وهذا الشاب لا يسعى إلى إيجاد حل لهذه القضية، بل يقول هل يجوز لي بعد ذلك أن أتزوج هذه الفتاة أو لا يجوز ؟! فقلت له : لماذا الاستخفاف بهذا الأمر ؟ وكيف تقع فيه ؟ فقال : يا أخي هذا خطأ، وكل إنسان يقع فيه، وكل ابن آدم خطاء، فعندما يتعامل الإنسان مع هذه المعاصي بهذا الاستخفاف وهذا المنطق فإنه بلا شك لن يرى حاجة وضرورة لأن يشتكي لأحد هذه المعاصي، ولن يسعى للتخلي عنها، فقلت له : فرق بين ما تقع فيه من نظرة محرمة أو شهوة محرمة وغير ذلك من المعاصي وبين من كانت له لقاءات طويلة مع فتاة حتى أوقعت به في جريمة الزنى !! ففيه فرق شاسع بين الأمرين، وهذا دليل على ضعف إيمانك وعلى استخفافك بهذه المعصية، بل إنك تسأل بعد ذلك:هل يجوز لي أن أتزوج ممن عاشرتها تلك العشرة المحرمة ؟!
فمع إدراك بعض الشباب لخطأ الطريق الذي هم عليه فإنهم لا يدركون خطورة الأمر الذي هم عليه، وأظن أنهم لو أدركوا ذلك لاستطاعوا أن يتجاوزوا الكثير من تلكم العقبات .
رابعا : الفهم الخاطئ للوسطية
كلمة يتفق عليها الجميع لكن يبقى فهمها وتفسيرها، فالجميع يتفقون على أن المغالاة والمبالغة في التشدد والغلو أمر غير مرغوب فيه، ويتفقون على أن الانحراف والتفريط والكسل هو الآخر أمر غير مرغوب فيه، ويتفق الجميع على سلوك طريق الوسط، ومن الشباب من عندما تناقشه يقول لك : نعم أنا لست أسلك طريق الانحراف، ولا أنا من الشباب الملتزمين والمستقيمين، ولكني أسلك طريق الوسط، وهذا أمر نتفق عليه، بل إن سنة الله في الكون قائمة على الوسطية، و دين الله قائم على الوسطية في كل أمر، ولكن نقطة الخلاف هي تحديد الوسطية، فعندنا ثلاث مناطق : الأولى منها هي منطقة الغلو، والمنطقة الثانية الوسطية، والثالثة هي الانحراف، وتحديد هذه المناطق يختلف الناس فيه، فما هو ضابط الوسطية ؟ وما هو مفهوم الوسطية ؟ فهل المقصود بالشاب الوسط مثلاً الذي لا يتورع عن النظرة الحرام سواءٌ كانت في التلفاز أم في الفيديو أم في الشارع ؟ وهل المقصود بأن الوسط هو الذي لا يتورع عن بعض الممارسات التي يعتبرها سهلة وهينة – وكل معصية لله عز وجل لا شك أنها يجب أن تعظم في نفس المؤمن – هل هذا هو مفهوم الوسطية؟ وهل يعني التشدد الخلل والمبالغة ؟ و هل يعني التورع التام عن النظر المحرم بكافة قنواته ووسائله أو الحرص على العبادة ومحاسبة النفس عليهما تشدداً وتطرفاً ؟
و للأسف فإن مفهوم الوسطية جزء من المفاهيم التي أصابها الانحراف و الغبش في مجتمعاتنا، وتبعاً له مفهوم الغلو والتساهل التي أصابها هي الأخرى الغبش في أفهام كثير من الناس، فيقيس الشاب الوسطية بنفسه، فالطريق الذي يسير عليه هو الطريق الوسط، فما كان أعلى منه فهو تشدد، وما كان أدنى منه فهو انحراف .
إن طريق الوسطية هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالذي نهى عن الغلو هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من خُوطب بالوسطية هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هذه الأمة أمة وسط، فالمعيار للوسطية ؟ هو حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه وحياة السلف الصالح وما زاد عنه فهو غلو، وما كان دون ذلك فهو إهمال وانحراف وتفريط .
خامسا : القدوة السيئة
قد يجد الشباب مظاهر سلبية وأخطاء من بعض الشباب الملتزمين ، فهؤلاء ضمن غيرهم ليسوا معصومين من الوقوع في الخطأ، ومع محبتنا لهؤلاء الشباب الملتزمين، ومع أننا نُسر برؤيتهم، ومع أنهم ولا شك حققوا ألواناً من الانتصار على النفس وعلى الشهوات، بل إن سلوكهم طريق الاستقامة أصلاً وطريق الالتزام في وسط هذه الشهوات وهذه الفتن، هذا بحد ذاته يعتبر انتصاراً، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينهم وأن يثبتهم على هذا الطريق، فإن بعض هؤلاء الشباب قد يقع في أخطاء خاصة تجاه أمثال هؤلاء الشباب غير الملتزمين، فيأتي هذا الشاب غير المستقيم ويرى الشاب الآخر المستقيم قد وقع في هذه الأخطاء، فيرى شابًّا ملتزماً مهملاً في دراسته، أو يراه على سوء خلق،أو يراه مقصراً في أي جانب من الجوانب، فيقول أتريدونني أن أكون مثل فلان من الناس.
قال لك بأن هذا هو النموذج الذي تريد أن تصل إليه، فليس كل هؤلاء الشباب على هذه الشاكلة، قد تكون أنت نظرت إلى فعل واحد، أو إلى شخص واحد أو إلى عينة واحدة، فرأيت فعلاً أن هؤلاء الشباب يقعون في مثل هذه الأخطاء، فتخيلت أن جميع الشباب الملتزم بهذه الصورة، فلنفرض جدلاً أن هؤلاء الشباب الملتزمين يمارسون هذه الأخطاء، فهل هذا عذر لك عند الله سبحانه وتعالى أن تسلك طريق الانحراف، وأن ترتكب ألواناً من الكبائر والموبقات بحجة أن هؤلاء الشباب قدوة صالحة ؟ فليس عذراً لك لو كان الناس جميعاً يسلكون طريق الانحراف، بل لو كان أستاذك أو جميع الناس من حولك يدعونك ويرغمونك على طريق الانحراف، فكيف لمجرد أنك ترى بعض المواقف مع أننا نجزم أنها ليست عامة بل هي مواقف وحالات فردية.
وعندما وجه سؤال لهؤلاء الشباب :اذكر عوائق أخرى تعوقك عن طريق الاستقامة ؟
فهذه بعض الإجابات والعبارات التي وردت:
- بعضهم يقول : الملتزمون أنفسهم بتصرفاتهم التي يفعلونها للنفاق والرياء . فهو يكثر من اتهامهم بالرياء والنفاق، والسبب أنه يرى الشاب عنده حرص على العبادة والصلاة والطاعة فيراه قد وقع في خطأ، ومن خلال هذا الخطأ يتهمه بالرياء والنفاق، والشاب الملتزم قد ينهاك عن الغيبة و يغلظ أمرها لكنه قد يقع فيها، وإذا منعنا الناس من الإصلاح لخطأ وقعوا فيه فمن ينصح الناس، يقول الشاعر:
إذا لم يعظ الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد
- والآخر يقول : الملتزمون سبب عدم استقامتي لقيامهم ببعض التصرفات السيئة، وتدخلهم فيما لا يعنيهم واحتقار الآخرين .
و عندما طلب من أحدهم توجيه كلمة للملتزم قال : يترك العزلة والأنانية، ويكسر الحواجز بينه وبين غير الملتزمين .
ونسأل كثيراً عن الملاحظات التي ترد على هؤلاء، فيجيبنا أحد الشباب بكلمة رائعة كتبها وهو غير ملتزم فقال: إن العيون موجهة إليكم، عيون أهل الشر وعيون أهل الخير، فكونوا على أهبة الاستعداد.
سادسا : عدم وجود المعين
قد لا يجد الشاب من يعينه على طريق الاستقامة أو طريق الخير، والبشر لا يستغنون عن ذلك، ولذلك يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه فيقول : (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم ) [ الكهف:28] ، وهاهو موسى يدعو ربه فيقول (واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري) [ طه:29-31] ، ويقول تعالى له: (سنشد عضدك بأخيك ) [ القصص:35]، فإذا كان الأنبياء يحتاجون إلى من يعينهم على هذا الطريق فغيرهم من باب أولى، ولذلك فإن معظم طلاب المرحلة الثانوية و فئة الشباب الملتزم أفادوا بأن الرفيق الصالح من الأسباب المعينة على الاستقامة. إذاً فابحث عن هذا الجليس فإنه خير معين لك .
سابعا : ضغط البيئة
قد تكون البيئة تضغط على الشاب، فقد يكون الشاب في بيت غير محافظ، فهذا أحدهم يقول: السبب في عدم استقامتي والدي الذي لا يشهد حتى صلاة الجمعة، ويقترف أمامي كافة أنواع الفساد والانحراف، فماذا تريدني أن أصنع بعد ذلك، وإن كانت هذه الحالات قليلة لكن هناك ضغط آخر قد لا يستطيع تحمله بعض الشباب وهو السخرية، ولذلك بعض الشباب قد يعتبر السخرية عائقاً من عوائق الاستقامة و الالتزام، فهو عندما يسلك طريق الاستقامة والالتزام سيواجه سخرية من القريبين والبعيدين، بل للأسف إن البعض من الآباء والأقارب يمارسون ألواناً من هذه السخرية مع أبنائهم ويتهمونهم بنوع من التشدد فيشكل هذا نوعاً من الضغط النفسي على الشاب فلا يستطيع أن يتحمله، ولذلك فإن الكثير يعتبرون السخرية عائقاً من عوائق الاستقامة.
ونلاحظ هنا أنه كلما تقدم سن الشاب أصبح أكثر قدرة على تحمل ضغط الآخرين، فإنه لصغر سنه قد لا يستطيع أن يتحمل ويواجه هذه السخرية، وغاية ما تقوله لهؤلاء الشباب أن عزاءكم فيما تواجهون أن أنبياء الله عليهم صلوات الله وسلامه عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام قد وُوجهوا بالسخرية والإيذاء، فلن تكونوا خيراً من أنبياء الله، فإذا سُخر من أنبياء الله فغيرهم من باب أولى .
ثامنا: ثقل التكاليف
فغير المستقيم يعلم أنه سيترتب على استقامته تكاليف شرعية مثل التخلي عن الشهوات وتحمل بعض الواجبات وبعض الأعباء التي لا يحرص عليها كالاستيقاظ لصلاة الفجر، وسيعرف أن الحياة والتكاليف ستكون ثقيلة عليه، ولذلك قد يتردد في الالتزام بهذا الأمر، ويجعل من عوائق الالتزام عدم القدرة على تحمل الالتزام، إذاً هؤلاء الشباب يرون أنهم لن يستطيعوا تحمل تكاليف حياة الاستقامة والالتزام، فنقول لهم: نعم إن هذه التكاليف قد تكون ثقيلة في البداية ولا بد منها لأنها ضريبة الالتزام، قال الله تعالى :(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله آلا إن نصر الله قريب ) [البقرة:214] فهي ضريبة لسلوك درب السعادة، وضريبة للحصول على طريق الجنة، فإن الجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات، وثمن لابد أن يدفعه الشاب، لكنه إذا قام بهذه التكاليف سرعان ما ينسى هذه المشقة التي نتصور أنها عبئاً على كاهل هؤلاء الشباب فتصبح لذة وسعادة يجدها المرء في طاعة الله سبحانه وتعالى .
تاسعا : العجز عن اتخاذ القرار الحاسم
معظم الشباب سبق أن فكروا بالالتزام،إذاً القضية ليست قضية عدم قناعة بل هو فكر فعلاً أن يسلك طريق الالتزام، بل إن غالبيتهم فكروا أكثر من ثلاث مرات، فهذا يعني أنه قد تكرر تفكيره وعزمه على هذا الأمر، بل إن كثيراً منهم قد خطا خطوات عملية في ذلك لكنه لم يستطع فما هو السبب؟ قال بعضهم: ضعف الإرادة، فهذا الشاب يبقى أمامه قرار يجب أن يتخذه، وقرار حاسم سيغير حياته كلها، قرار يودع به حياة الغفلة والإعراض، ويسلك طريق الالتزام والاستقامة، وهذا القرار سيحتاج إلى عزيمة قوية. وإليكم هذه العبارات التي قالها بعض الشباب من خلال الكلمة الأخيرة :
- يقول أحدهم :كنت أتمنى منذ الصغر أن أكون شيخاً وخطيباً.
ويقول آخر : أشكر الأستاذ على هذا الاستبيان، وإن شاء الله في الاستبيان القادم يكون ردي على سؤالك : هل أنت ملتزم أم لا، فأقول وبكل سرور: إنني ملتزم بإذن الله وجزاك الله خيراً . إذاً ما الذي يمنعك من الالتزام ؟ وما الذي يمنعك من الاستقامة ؟ إذا هو اتخاذ هذا القرار .
عاشرا: الاعتذار بالقدر
فمثلاً يقول أحدهم: كل شيء موجود لكن ينقص توفيق الله سبحانه وتعالى، فالذي يمنعك ويحول بينك وبين طريق الاستقامة توفيق الله تعالى، ألم تر أنك تجتهد في دراستك وتُجد للاستعداد للامتحان، فلماذا لا تنتظر توفيق الله الذي تنتظره حتى يقودك لطريق النجاح في الامتحان، فمطالب الدنيا تجتهد فيها ولا تنتظر توفيق الله، وأما الهداية فلا تجتهد وتنتظر توفيق الله .
أيضاً كثير من الشباب عندما وجهنا له سؤالاً يقول : إنك لا تهدي من أحببت، وأن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى، نعم الهداية بيده سبحانه وتعالى والضلالة كذلك بيد الله سبحانه وتعالى، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"يكتب للإنسان رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد" فأنت الآن تسلك طريق الشقاوة وتقول :لم يرد الله هدايتي فاخترت أحد الطريقين، فما بالك تجتهد في طلب الرزق ولا تتكل على القدر، و تتجنب المخاطرة خشية الموت ولا تتكل على القدر، أما طريق الشقاوة وارتكاب الشهوات فتسلكها ولا تحتج بالقدر، فهذه مجرد مخادعة نفسية .
العائق الحادي عشر: التسويف
وقد ورد أيضاً ضمن العوائق التي ذكرها الشباب ووردت فيه إجابات شفوية لبعض الشباب فيقول أحدهم : إن البعض منا يقول حتى أتزوج، والبعض منا يقول حتى أتخرج، حتى يتقدم بي العمر، وهذا نسى أو جهل أنه قد تخطفه المنية قبل أن يعمل ما أراد، ويقول أحدهم في الكلمة الأخيرة: إن شاء الله مهما بعُد الزمن فسوف أعود إلى الله، وأعمل الأعمال الصالحة إن شاء الله تعالى، إذاً ما الذي يمنعه ؟ الذي يمنعه هو التسويف، فهو يقول لابد أن أعود إلى الله وإلى الاستقامة والالتزام ولو بعد زمن.
العائق الثانى عشر: انتظار المصائب
وهذا أيضاً تكرر في الإجابات الشفوية، فعندما تسأل الشاب يقول : أنه ينتظر أن يحصل له حادث أو أن يموت له قريب أو أن يحصل له أمر يعظه ويدعوه ليسلك طريق التوبة، أيضاً من الإجابات التي وردت عن العوائق الأخرى يقول أحدهم : حادث، أو كالأمور الأخرى التي تؤثر على الشباب حتى يسلك طريق الاستقامة .
ويقول أحدهم : حادث مروع يشاهده، وآخر يقول : أن يرى حادثاً أو يموت أحد أقربائه، والكثير من الشباب أجابوا أن هذه من الوسائل التي تؤثر على الشاب، فحينئذٍ نسأل هذا السؤال : افترض أنه لم يحصل لك هذا الشيء، بل مت أنت قبل أن يحدث لك ما يهز مشاعرك، فما هو مصيرك ؟و تصور أنك في مصير من اتعظت به.
البعض من الشباب كان من سبب استقامته أنه لما عاد من سفر الخارج اكتشف أن عنده بعض الأمراض فخشي أن تكون أمراضاً جنسية، وأصابه الذعر والخوف، وبعد ذلك قرر التوبة، وبعد إجراء التحاليل اكتشف أنه لم يكن مرضاً جنسيًّا وإنما كان مرضاً عاديًّا.
وبعد الحديث عن هذه العوائق ننتقل إلى نقطة أخرى وهي الأخيرة :
أدوار مهملة
بقي أن أقول أن ما عرضته عن هذه العوائق إنما هو مجرد عرض لها، وبقي الحديث عن أدوار مهملة يجب أن تستغل لإنقاذ هؤلاء الشباب :
1- خطبة الجمعة :
فـ 75% من المتوسطة والثانوية يرون أن خطبة الجمعة لا تؤثر على الشباب في سلوك طريق الالتزام، وقال أحدهم بالحرف الواحد: خطبة الجمعة يحضرها الجميع، وهي ليست مثل المحاضرات والأشرطة حيث يحضرها جميع المسلمين وينصتون لها ويسمع فيها الشاب ما لا يسمعه في غيرها، فيجب أن يعتني بها، ويجب أن يوجه خطاب خاص لهؤلاء الشباب فيه نقاش عقلي منطقي وموعظة تسلك كافة الأساليب والوسائل لمخاطبة أمثال هؤلاء الشباب ، فهؤلاء الشباب يشتكون أنهم لا يخاطبون بخطب الجمعة، ولا توجه لهم هذه الخطب.
2 - إمام المسجد:
من أهم مسؤوليات إمام المسجد المساهمة في دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى، فإمام المسجد يقابل هذا الشاب في المسجد وعند منزله وعند المحلات التجارية وفي الحي ، فما دوره ؟
85% من طلاب المرحلة الثانوية و 81% من الفئة الملتزمة يقولون أنهم لم يتلقوا نصيحة من إمام المسجد، إن مهمته ليست محصورة في إمامة الناس، فأينها في إنكار المنكرات، وفي نصح هؤلاء الشباب وفي توجيههم، خاصة أنه يعيش معهم وفي الحي ويلتقي معهم كل يوم ولا يقتصر أيضاً على إلقاء الكلمات لأنه قد يلقي كلمة وهؤلاء يخرجون بعد الصلاة .
3- الأب:
مما يؤسف له أن 55% من طلاب المرحلة الثانوية و 76% من الفئة الملتزمة لم يتلقوا نصيحة من والدهم ، مع أن دور الأب لا يقتصر على النصيحة، فإذا كان أكثر من نصف الآباء لم يوجه لابنه النصيحة الخاصة بالالتزام فماذا بعد ذلك، وانظر إلى ما يقوله هؤلاء الشباب عن آبائهم :
- لا يأخذنا والدنا إلى النزهة خارج المنزل لماذا ؟ لأنه يذهب مع أصحابه !! فالشاب يريد أن يذهب خارج المنزل للنزهة فإذا لم يأخذه والده من سوف يأخذه ؟ ومع من سيذهب ؟ .
- قليلاً ما يسألني أبي عن أحوالي .
-عندما أعود متأخراً لا يسألني والدي .
فهذا فقط مجرد السؤال لكن الذين يسألون لا يعني أنهم يهتمون، فقد يسأل الأب :أين كنت فيقول : مع فلان، فتنتهي القضية عند مجرد السؤال دون اكتشاف الخطأ، ولو اكتشف الخطأ فماذا يصنع ؟.
- لا أستطيع التحدث مع والدي بصراحة، فإذا لم يستطع فمع من سيتحدث ومن سيوجهه ؟ ولهذا لن يجد إلا أصدقاء السوء.
أيضاً عندما وجه سؤال لهؤلاء الشباب أفاد الكثير منهم أن الآباء لا يعلمون حقيقة ما يفعله أبناؤهم، فهو يعرف أن ابنه يذهب ويأتي مع فلان لكن ماذا يصنع ابنه فهو لا يدري .
وهذه صورة تتكرر فيقف الأب في مركز الهيئة أو عند رجال الشرطة وبعد أن يقع ابنه في مصيبة أو جريمة ويقول لم أكن أتوقع هذا ويجهل أن القضية كانت منذ سنوات، ولئن نسيت فإني لا أنسى موقف شاب رأيته يبكي أمامي ويوجه اللوم لأبيه الذي اكتشف أنه يدخن وعاتبه فقال له : الآن وقد وقعت في هذا الأمر منذ ثلاث سنوات، إن السبب هو أنت، فإذا كان التدخين الذي تظهر عليه علامات ظاهرة أصلاً قد لا يكشفه الأب إلا في مرحلة متأخرة فما بالك بالممارسات الأخلاقية التي قد تكون أخطر .
فكثير من الآباء لا يعرف ماذا يصنع ابنه، فإما أنه يحسن الظن، أو يعرف أنه يذهب مع فلان ابن فلان ويظن معرفته وغيرها من الأمور التي يخدر بها نفسه .
وطلب من الشباب توجيه رسالة للأستاذ، الداعية، الأب.
يقول أحدهم : مؤاخاة الابن والتحدث معه بصراحة وسماع مشاكله، لماذا فلان أباه لا يفعل شيء من .........
والآخر يقول : إذا كان رب البيت .................. .
والآخر يقول : إن من واجب الأب مساعدة ابنه في فك عوائق الالتزام .
والآخر يقول : أبي أعطني جزءاً من وقتك .
والآخر يقول : الأب لا يدري ماذا بابنه أو ماذا يفعل ابنه .
والآخر يقول : لا تقطع عملك الصالح في الدنيا ( أو ولد صالح يدعو له ) .
هذه هي عبارات الشباب الذين ليسوا على طريق الاستقامة و الالتزام وهذه بعض رسائلهم لآبائهم، وغيرها كثير، فكلها تعكس صورة الإهمال، وصورة الغيبوبة المطلقة عند الكثير من الآباء عن واقع أبنائهم إما أنه يجهل واقع أبنائه ولا يريد أن يعلم، أو أنه يهمل ولا يدرك المسؤولية، أو قد يدرك للأسف أن ابنه في طريق الانحراف وطريق الغواية ومع ذلك لا يحرك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيه .
ما موقف هذا الأب الذي يأتي أول الناس إلى المسجد وابنه قد لا يشهد الصلاة، وتجد الأب أحياناً يتهجد بالليل وابنه في الخارج لا يدري ماذا يصنع .
إن الذي نريد منك أن تؤدي المسؤولية التي عليك التي سيسألك الله عنها يوم القيامة، فما الذي يدفعك أن تترك الدنيا وتأتي إلى المسجد قبل الأذان ؟!! .و ما الذي يدفعك إلى أن تهجر لذة الفراش وتقوم الليل ؟!! . وما لذي يدفعك إلى الاجتهاد في النوافل والصدقة ؟!! . أليس مرضاة الله عز وجل، ألا يدفعك ذلك للشعور بالمسؤولية؟
أنا لا أدعو الآباء أن يشكُّوا بأبنائهم،ولكن أدعو الأب أن يكون واقعيًّا، ويعرف حقيقة ما يجري، وبدلا من أن تسهر مع فلان أو فلان أو أن تجلس مع زملائك تتبادلون الأحاديث، خذ أبناءك إلى نزهة، واقض وقتك مع أبنائك، وقدم لهم البديل الذي يشغل أوقاتهم، وابحث لهم عن الجلساء الصالحين.
وعندما وجه سؤال للشباب عن قدر وقت الفراغ اليومي في الإجازة أجاب أكثر من نصفهم أنه سبع ساعات يوميًّا ، فماذا يصنع بهذه الساعات وهو يقول لوالده أعطني جزءاً من وقتك؟