الشورى عند الإخوان المسلمون
تعريف الشورى:
هي التعاون على تبادل الرأس ومداولته في أمر من أمور المؤمنين ، على أسس وقواعد ، تلتقي جميعها لتبحث عن الحق والصواب أو ما هو أقرب إليهما ، كل ذلك طاعة لله وعبودية له .
وهي تدور حول الأمور المباحة أو المشروعة التي تتعلق بالمؤمنين أو الأمة مما يحتاج في عرضه للشورى .
• مناقشة التعريف والفرق بين الشورى والاستشارة والمشورة .
• بيان أنها تقوم على أسس وقواعد .
• هدفها البحث عن الحق والصواب .
• طاعة لله وعبودية .
• تكون في الأمور المباحة أو المشروعة التي لا يوجد فيها نص .
بعض النصوص :
• سئل صلى الله عليه وسلم عن العزم فقال مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم .
• النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمر لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما) .
• " المستشار مؤتمن " حديث شريف .
• " إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه " .
• ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم " الإمام النسفي " .
• ما رأيت أحداً أكثر مشورة من أصحاب رسول الله . أبو هريرة رضي الله عنه .
• يقول الحسن البصري رضي الله عنه في قوله تعالى " وشاورهم في الأمر " هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به ثم يقول وعلى وراثه أن يتخلقوا به وعلى قيادات المسلمين أن يكونوا كذلك .
• يقول صاحب الظلال في قوله تعالى : " وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله " : وبهذا النص الجازم " وشاورهم في الأمر " يقرر الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم ، أن الشورى مبدأ أساسي ، لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه ، أما شكل الشورى والوسيلة التي تتحقق بها ، فهذه أمور قابلة للتحوير والتطوير وفق أوضاع الأمة وملابسات حياتها ، وكل شكل وكل وسيلة تتم بها حقيقة الشورى – لا مظهرها – فهي من الإسلام .
لقد جاء هذا النص عقب وقوع نتائج للشورى ، تبدو في ظاهرها خطيرة مريرة ، فقد كان من جرائها ظاهرياً وقوع خلل في وحدة الصف المسلم ، اختلفت الآراء فرأت مجموعة أن يبقى المسلمون في المدينة محتمين بها ، حتى إذا هاجمهم العدو قاتلوه على أفواه الأزقة ، وتحمست مجموعة أخرى فرأت الخروج للقاء المشركين ، وكان من جراء هذا الاختلاف ذلك الخلل في وحدة الصف ، إذ عاد عبد الله بن أبي بثلث الجيش ، والعدو على الأبواب وهو حدث ضخم وخلل مخيف .
ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يجهل النتائج الخطيرة التي تنتظر الصف المسلم من جراء الخروج ، فقد كان لديه الإرهاص من رؤياه الصادقة التي رآها ، والتي يعرف مدى صدقها ، فقد تآولها قتيلاً من أهل بيته ، وقتلى من صحابته ، تأول المدينة درعاً حصينة ، وقد كان من حقه أن يلغي ما استقر عليه الأمر نتيجة للشورى ، ولكنه أمضاها وهو يدرك ما وراءها من الآلام والخسائر والتضحيات ، لأن إقرار المبدأ وتعليم الجماعة وتربية الأمة أكبر من الخسائر الوقتية .
ولقد كان من حق القيادة النبوية ، أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة أمام ما أحدثته من انقسام في الصفوف في أحرج الظروف ، وأمام النتائج المريرة التي انتهت إليها المعركة .
ولكن الإسلام كان ينشئ أمة ويربيها ويعدها لقيادة البشرية ، وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمم وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربي بالشورى وأن تدرب على حمل التبعة مهما يكن الخطأ جسيماً وذا نتائج مريرة ، لتعرف كيف تصحح خطأها ، وكيف تتحمل تبعات رأيها وتصرفها فهي لا تتعلم الصواب إذا إذا زاولت الخطأ والخسائر لا تهم ، إذ كانت الحصيلة هي إنشاء الأمة المدربة المقدرة للتبعة ، واختصار الأخطاء والعثرات والخسائر في حياة الأمة ليس فيه شئ من الكسب لها ، إذا كانت نتيجته أن تظل هذه الأمة قاصرة كالطفل تحت الوصاية " .
ثم يقول : " ولكن وجود محمد ومعه الوحي الإلهي ووقوع تلك الأحداث ، ووجود تلك الملابسات لم يلغ هذا الحق – الشورى – لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أنه لا بد من مزاولته في أخطر الشئون ، ومهما تكن النتائج ومهما تكن الخسائر ومهما تكن التضحيات المريرة .
ثم يقول : ( على أن الصورة الحقيقية للنظام الإسلامي لا يكتمل حتى نمضي مع بقية الآية ، فنرى أن الشورى لا تنتهي أبداً إلى الأرجحة والتعويق ، ولا تغني كذلك عن التوكل على الله في نهاية المطاف ( فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) ( آل عمران : 159) .
إن مهمة الشورى هي تقليب أوجه الرأي ، واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة ، فإذا انتهى الأمر على هذا الحد ، انتهى دور الشورى ، وجاء دور التنفيذ ، التنفيذ في عزم وحسم ، وفي توكل على الله يصل الأمر بقدر الله ويدعه لمشيئته تصوغ العواقب كما تشاء .
• يقول الإمام علي رضي الله عنه : ( في الشورى سبع خصال :
( استنباط الصواب – واكتساب الرأي – والتحصن من السقطة – وحرز من الملامة – ونجاة من الندامة وألفة القلوب – واتباع الأثر) .
• سئل الأحنف بن قيس : بأي شئ يكثر صوابك ويقل خطؤك فيما تأتيه الأمور وتباشره من الوقائع ؟ قال : بالمشاورة لذي التجارب .
• كان عمر إذا أعياه الأمر المعضل دعا الأحد فاستشارهم لحدة قولهم ، وقال رضي الله عنه يوماً لأصحابه : دلو على رجل استعمله . فسألوه ما شرطك فيه ؟ قال : إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم .
الفرق بين الشورى الإسلامية والنظم المقابلة لها:
(1)_ خصائص الشورى الإسلامية :
أ- الشورى مصطلح إسلامي كمصطلح الإيمان والصلاة والحج والجهاد ساقها القرآن في آية واحدة من هذه الفرائض لتأخذ حكمها " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون " .
ب- الشكل الذي تتم به الشورى ليس قالباً ملزماً ولا شكلاً جامداً و لكنه متروك لكل بيئة ولك زمان .
ت- الشورى عبادة يتقرب بها أهلها إلى الله تبارك وتعالى .
ث- هدف أهل الشورى جميعهم الوصول إلى الحق ورائدهم الإخلاص وقد يختلفون ويصر كل منهم على رأيه ولكن هذا الخلاف مبعثه الشعور بالمسئولية والحرص على آداء الأمانة والبعد عن الهوى والتعصب للرأي .
ج- بعد الفراغ من مداولة الرأي وتمحيص القضية وظهور الرأي الصواب أو القريب منه وصدور القرار يأتي دور التنفيذ على الجميع من اقتنع ومن لم يقتنع بنفس الحماس والعزم في التطبيق والتنفيذ فقد مضى وقت الحوار والجدال ، وهنا لا يصح بعد ذلك أبداً نقد أو استهانة أو لمز أو غمز لما توصل إليه أهل الشورى . ( فإذا عزمت فتوكل على الله) .
(2)_خصائص الديمقراطية ونظرة العلماء إليها:
أ- الأصل الفكري للديمقراطية أن السلطة السياسية ترجع إلى الشعب فالأمة هي صاحبة السيادة والحاكمية ( تأليه الإرادة العامة للشعب ) وهذا يتناقض مع أصل دين الإسلام بل مع أصل كل دين سماوي ، لأن السلطة المطلقة هي لله عز وجل ، فقد تفرد سبحانه وتعالى بالأمر كتفرده بالخلق ( ألا له الخلق والأمر ) ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)
وقد جاءت هذه الفلسفة للنظم الديمقراطية بمثابة رد فعل لطغيان الكنيسة ووصايتها باسم الخرافة والكهنوت وباسم الملوك وحقهم الإلهي المزعوم فكان التمرد على كليها وإزالتها وتأليه الإرادة البشرية .
ويفرق الدكتور عمارة بين الشورى الإسلامية التي هي فريضة إلهية وميزان رباني وليست مجرد حق من حقوق الإنسان وبين الديمقراطية الغربية فيقول ( ولبيان الموقف الإسلامي من هذه القضية فلا بد من التمييز بين فلسفة الديمقراطية الغربية وبين آلياتها وخبرات مؤسساتها ، فالديمقراطية نظام سياسي اجتماعي غربي النشأة عرفته الحضارة الغربية في حقبتها اليونانية القديمة ، وطورته نهضتها الحديثة والمعاصرة ..
وهي تستند إلى المبدأ القائل بأن الشعب هو صاحب السيادة ، ومصدر الشرعية ، فالسلطة في النظام الديمقراطي هي للشعب بوساطة الشعب لتحقي سيادة الشعب ومقاصده ومصالحه .. أما النظام النيابي الذي ينوب فيه نواب الأمة المنتخبون عن جمهور الأمة للقيام بمهام سلطات التشريع والرقابة والمحاسبة لسلطات التنفيذ في الدولة ، فهو من آليات الديمقراطية التي تمارس فيها الأمة كلها ، وبشكل مباشر هذه المهام والسلطات توصلت بها الديمقراطية الحديثة إلى تحقيق مقاصدها أو فلسفاتها .
ثم يقول واضعاً النقاط فوق الحروف :
" وإذا كان البعض يضع الشورى الإسلامية في مقابل الديمقراطية سواء بالتسوية بينهما أو التناقض الكامل بينهما ، فإن هذا الموقف ليس بالصحيح إسلامياً ، وإنما هناك تمايز بين الشورى وبين الديمقراطية يكشف مساحة الاتفاق ومساحة الاختلاف بينهما .
فمن حيث الآليات والسبل والنظم والمؤسسات والخبرات التي تحقق المقاصد والغايات من كل من الديمقراطية والشورى ، فإنها تجارب وخبرات إنسانية ليس فيها ثوابت مقدسة وهي قد عرفت التطور في التجارب الديمقراطية ، وتطورها وارد في تجارب الشورى الإسلامية وفق الزمان والمكان والملابسات .
أما الجزئية التي تفترق فيها الشورى الإسلامية عن الديمقراطية الغربية فهي خاصة ( بمصدر السيادة في التشريع ابتداءً ) . توضيح : بعض النقاط التي ليس فيها نصر ويجوز الاحتكام فيها للأمة أفضل من احتكار الحكام للقرار كما هو حادث الآن .
آداب الشورى:
1) الشورى تضبط أصول الحوار المفيد والبناء وبين قواعده وآدابه ويلتزم بأخلاقياته عفة اللسان – وصدق البيان – تقديم حسن الظن بالنية والقصد .
2) تجنب أسلوب الإثارة وحملات التجريح الذي تحكمه المصالح والأهواء .
3) اتساع الصدور لكل خلاف ( الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).
4) توخي المصلحة العامة دون أنانية أو تعصب .
5) الشكل الذي تتم به الشورى متروك للأمة حسب ما ترى فيه من مصالح في كل زمان ومكان .
6) الاستفادة برأي ذوي العلم والخبرة في كل ميدان ( أهل الحل والعقد) .
هل الشورى ملزمة؟
قول الإمام بن الجوزي : ( اختلف العلماء رضي الله عنهم لأي معنى أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه رضي الله عنهم مع كما رأيه وتدبيره فقيل : ليستن به من بعده ( قاله الحسن وسفيان بن عيينة .
فالشورى تشريع لبيان أن ما لا نص فهي من مصالح الأمة وسياستها يجب على الأمة والأمراء أن يستشيروا فيه الأمة : أي أهل الرأي منها وليس لهم أن يستبدوا به .
وإذا كان الله عز وجل أمر رسوله الأكمل باستشارة المسلمين في أمور الحرب أو غيرها حتى كان يعمل برأيهم ، وإن خالف رأيه كخروجه من المدينة يوم أحد ، فمن دونه أولى ولا سيما وقد وصف الله المؤمنين بقوله : ( وأمرهم شورى بينهم ) .
والخلاصة :
أن هذه الآية ( وأمرهم شورى بينهم ) موجهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وملزمة له باستشارة المسلمين والعلم برأيهم مع كمال رأيه وحسن تدبيره ، فإنما ذلك ليستن بالشورى المؤمنون من بعده ولا يكون ذلك مستقيماً غلا إذا كانت ملزمة للإمام ، لأنها بذلك وحده تكون نظام جديداً مفيداً .
أما الشورى الاستثنائية فهي أمر عادي يلجأ إليه الحكام في أشد النظم الاستبدادية في كل عصر، دون ما حرج عليهم طالما أنهم أحرار في الاستشارة وعدمها والالتزام بها وعدمه .
الأهداف والغايات :
1) الهدف الأول والرئيسي هو العبادة والطاعة لله .
2) الهدف الثاني البحث عن الحق أو ما هو أقرب إليه .
3) الهدف الثالث اكتشاف المواهب والقدرات واختيار المعاون والرجال ودراسة الوسع والطاقات .
4) جمع القلوب وتآلفها على الإيمان والعلم والخير والبركة ونهج الصراط المستقيم .
5) التدريب والإعداد والتربية والبناء من خلال الممارسة الإيمانية .
6) تنسيق الجهود وجمعها والاستفادة منها .
7) إغلاق أبواب البشاعة المؤذية وسد الفرج التي تأتي منها الفتن ( فلا عمل من وراء الكواليس أو في الزوايا المظلمة ) .
8) تربط جميع مستويات الأمة برباط من نور يرتبط الرأي العام بالدولة والدورة بالرأي العام فالشورى حماية للرأي العام وللدولة وللأسرة وللأمة كلها .
كيف تتم الشورى؟
هل يتم مشاورة الأمة كلها ؟
هل يتم مشاورة طائفة بعينها ؟
هل يتم مشاورة بعض الأفراد ؟
هديه صلى الله عليه وسلم في الشورى :
أ. يشاور جمهور المسلمين في الأمور التي تهمهم مباشرة ( الخروج إلى قتال المشركين في احد " اشيروا علي أيها الناس " مسألة غنائم هوازن .
ب. يستشير بعض أصحابه لا كلهم ( مسألة اسرى بدر – استشارة السعديين في معالجة غطفان على ثلاث ثمار المدينة ). .
إذن فالشورى أحياناً تكون لجمهور الأمة وأحياناً جميع المسلمين الموجودين وقت المشورة ، وأحياناً يكون أهل المشورة المتبوعين من قومهم ، وأحياناً بعض المسلمين ، وأحياناً أهل الاختصاص .
جاء في كتاب ( ملامح الشورى ) : " تمتد ساحة الشورى حتى تشمل الأمة المؤمنة كلها أو معظمها وتضيق حتى تشمل افراداً ويحدد ذلك عدة أمور : الواقع البشري ، القضية المطروحة ، ظروف الأمة المؤمنة وحالاتها الطارئة ، الطاقة البشرية المتخصصة والمؤسسات المتخصصة ، والتنظيم الإداري ومستويات المسئولية والأمانة ، كل ذلك من خلال منهج لله وعلى أساس هديه ونوره والطاقة الإيمانية العامة في الأمة ولكن الشورى لا تسقط عن الأمة المؤمنة أبداً مهما ضاقت بها الظروف أو اشتدت المحن ، ومن هنا تكون مسئولية الجهد البشري المؤمن أن يتجاوب مع كل ظروفه ليلبي داعي الشورى المؤمنة وفقاً لقواعد منهج الله فلا تتعطل أبداً ، ولا تتعطل المواهب " .
صور مغلوطة للشورى :
1) حجب المعلومات أو بعضها أثناء أخذ الشورى .
2) تزيين رأي معين لبعض الافراد قبل أخذ الشورى بما يمنعهم من التدبر المنصف في الآراء الأخرى .
3) تسفيه الرأي المخالف .
4) استغلال السبق والسن والأستاذية ( تعبير غير لائق مطلوب اختيار ألفاظ أخرى . (التحذير مما يسمى بالتربيط ) كممارسة خاطئة .
5) عدم إعطاء الفرصة الكاملة والمتكافئة لإبداء الآراء .
6) عدم تدري بالأفراد على ممارسة الشورى .
7) إبداء المسئول لرأيه قبل الآخرين تصريحاً أو تلميحاً .
8) التوقيت الصحيح والمناسب لأخذ الرأي .